بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ١٥٢
والابراء اسقاط فكان اسقاطا من كل واحد من الزوجين الحقوق المتعلقة بالعقد المتنازع فيه كالمتخاصمين في الديون إذا اصطلحا على مال سقط بالصلح جميع ما تنازعا كذا بالمبارأة والخلع مأخوذ من الخلع وهو النزع والنزع اخراج الشئ من الشئ فمعنى قولنا خلعها أي أخرجها من النكاح وذلك باخراجها من سائر الأحكام بالنكاح وذلك أنما يكون بسقوط الأحكام الثابتة بالنكاح وهو معنى البراءة فكان الخلع في معنى البراءة والعبرة في العقود للمعاني لا للألفاظ وقد خرج الجواب عما ذكره أبو يوسف وأما قول محمد انه لم يوجد منها اسقاط غير المسمى فنقول إن لم يوجد نصا فقد وجد دلالة لما ذكرنا ان لفظ الخلع دليل عليه ولان قصدهما من الخلع قطع المنازعة وإزالة الخلف بينهما والمنازعة والخلف إنما وقعا في حقوق النكاح ولا تندفع المنازعة والخلف الا باسقاط حقوقه فكان ذلك تسمية منها لسائر الحقوق المتعلقة بالنكاح دلالة بخلاف سائر الديون لأنه لا تعلق لها بالنكاح ولم تقع المنازعة فيها ولا في سببها فلا ينصرف الاسقاط إليها بخلاف الطلاق على مال لأنه لا يدل على اسقاط الحقوق الواجبة بالنكاح لا نصا ولا دلالة وأما نفقة العدة فلأنها لم تكن واجبة قبل الخلع فلا يتصور اسقاطها بالخلع بخلاف النفقة الماضية لأنها كانت واجبة قبل الخلع بفرض القاضي أو بالتراضي فكان الخلع اسقاطا بعد الوجوب فصح ولو خلعها على نفقة العدة صح ولا تجب النفقة ولو أبرأت الزوج عن النفقة في حال قيام النكاح لا يصح الابراء وتجب النفقة لان النفقة في النكاح تجب شيئا فشيئا على حسب حدوث الزمان يوما فيوما فكان الابراء عنها ابراء قبل الوجوب فلم يصح فاما نفقة العدة فإنما تجب عند الخلع فكان الخلع على النفقة مانعا من وجوبها ولا يصح الخلع على السكنى والابراء عنه لان السكنى تجب حقا لله تعالى قال الله تعالى ولا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن الا ان يأتين بفاحشة مبينة فلا يملك العبد اسقاطه والله تعالى أعلم (فصل) وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع لان كل واحد طلاق بعوض فيعتبر في أحدهما ما يعتبر في الآخر الا انهما يختلفان من وجه وهو ان العوض إذا أبطل في الخلع بان وقع الخلع على ما ليس بمال متقوم يبقى الطلاق بائنا وفي الطلاق على مال إذا أبطل العوض بان سميا ما ليس بمال متقوم فالطلاق يكون رجعيا لأن الخلع كناية والكنايات مبينات عندنا فأما الطلاق على مال فصريح وإنما تثبت البينونة بتسمية العوض إذا صحت التسمية فإذا لم تصح التحقت بالعدم فبقي صريح الطلاق فيكون رجعيا ولو قال لها أنت طالق بألف درهم فقبلت طلقت وعليها الف لان حرف الباء حرف الصاق فيقتضي الصاق البدل بالمبدل وكذلك لو قال أنت طالق على ألف درهم لان على كلمة شرط يقال زرتك على أن تزورني أي بشرط أن تزورني وكذا قال لامرأته أنت طالق على أن تدخلين الدار كان دخول الدار شرطا كما لو قال إن دخلت الدار وهي كلمة الزام أيضا فكان هذا ايقاع الطلاق بشرط ان تعطيه الألف عقيب وقوع الطلاق ويلزمها الألف فيقع الطلاق بقبولها وتجب عليها الألف ولو قال أنت طالق وعليك ألف درهم طلقت المرأة الرجعية ولا شئ عليها من الألف سواء قبلت أو لم تقبل في قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد إذا قبلت طلقت بائنة وعليها الألف وعلى هذا الخلاف إذا قالت المرأة لزوجها طلقني ولك ألف درهم فطلقها انه يقع طلقة رجعية ولا يلزمها البدل في قول أبي حنيفة وعندهما يقع الطلاق وعليها الألف وعلى هذا الخلاف إذا قال لعبده أنت حر وعليك ألف درهم انه يعتق سواء قبل أو لم يقبل في قول أبي حنيفة وعندهما إذا قبل يعتق وعليه الألف وجه قولهما ان هذه الواو واو حال فيقتضي ان وجوب الألف حال وقوع الطلاق والعتاق ولأن هذه اللفظة تستعمل في الابدال فان من قال لآخر احمل هذا الشئ إلى مكان كذا ولك درهم فحمل يستحق الأجرة كما لو قال له احمل بدرهم ولأبي حنيفة ان كل واحدة من الكلامين كلام تام بنفسه أعني قوله أنت طالق وقوله وعليك ألف درهم لان كل واحد منهما مبتدأ وخبر فلا يجعل الثاني متصلا بالأول الا لضرورة والضرورة فيما كان الغالب فيه أن يكون بعوض كما في قوله احمل هذا إلى بيتي ولك ألف ولا ضرورة في الطلاق والعتاق لان الغالب وجودهما بغير عوض فلا يجعل الثاني متصلا بالأول من غير ضرورة وأما قولهما الواو واو حال فممنوع بل واو عطف في الاخبار معناه أخبرك
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248