وتعالى خص اللعان بالأزواج ولو طلقها طلاقا رجعيا لا يسقط اللعان لان الطلاق الرجعي لا يبطل الزوجية ولو قال لها يا زانية أنت طالق ثلاثا فلا حد ولا لعان لان قوله يا زانية أوجب اللعان لا الحد لأنه قذف الزوجة ولما قال أنت طالق ثلاثا فقد أبطل الزوجية واللعان لا يجرى في غير الأزواج ولو قال لها أنت طالق ثلاثا يا زانية يجب الحد ولا يجب اللعان لأنه قذفها بعد الإبانة وهي أجنبية بعد الإبانة وقذف الأجنبية يوجب الحد لا اللعان ولو أكذب الزوج نفسه سقط اللعان لتعذر الاتيان به إذ من المحال أن يؤمر ان يشهد بالله انه لمن الصادقين وهو يقول إنه كاذب ويجب الحد لما نذكر في كتاب الحدود إن شاء الله تعالى ولو أكذبت المرأة نفسها في الانكار وصدقت الزوج في القذف سقط اللعان لما قلنا ولا حد لما نذكر إن شاء الله تعالى ولو لم ينعقد القذف موجبا للعان أصلا لفوات شرط من شرائط الوجوب فهل يجب الحد فمشايخنا أصلوا في ذلك أصلا فقالوا إن كان عدم وجوب اللعان أو سقوطه بعد الوجوب لمعنى من جانبها فلا حد ولا لعان وإن كان القذف صحيحا وإن كان لمعنى من جانبه فإن لم يكن القذف صحيحا فكذلك وإن كان صحيحا يحدو على هذا الأصل خرجوا جنس هذه المسائل فقال إذا أكذب نفسه يحد لان سقوط اللعان لمعنى من جانبه وهو اكذابه نفسه والقذف صحيح لأنه قذف عاقل بالغ فيجب الحد ولو أكذبت نفسها في الانكار وصدقت الزوج في القذف فلا حد ولا لعان وإن كانت على صفة الالتعان لان سقوط اللعان لمعنى من جانبها وهو اكذابها نفسها ولو كانت المرأة على صفة الالتعان والزوج عبد أو كافر أو محدود في قذف فعليه الحد لان قذفها قذف صحيح وإنما سقط اللعان لمعنى من جهته وهو انه على صفة لا يصح منه اللعان ولو كان الزوج صبيا أو مجنونا فلا حدود ولا لعان وإن كانت المرأة على صفة الالتعان لان قذف الصبي والمجنون ليس بصحيح ولو كان الزوج حرا عاقلا بالغا مسلما غير محدود في قذف والزوجة لا بصفة الالتعان بأن كانت كافرة أو مملوكة أو صبية أو مجنونة أو زانية فلا حد على الزوج ولا لعان لان قذفها ليس بقذف صحيح ألا ترى ان أجنبيا لو قذفها لا يحد ولو كانت المرأة مسلمة حرة عاقلة بالغة عفيفة الا انها محدودة في القذف فلا حد ولا لعان لان القذف وإن كان صحيحا لكن سقوط اللعان لمعنى من جانبها وهو انها ليست من أهل الشهادة فلا يجب اللعان ولا الحد كما لو صدقته وإن كان كل واحد من الزوجين محدودا في قذف فقذفها فعليه الحد لان القذف صحيح وسقوط اللعان لمعنى في الزوج ولا يقال إنه سقط لمعنى في المرأة بدليل ان الزوج لو لم يكن محدودا والمرأة محدودة لا يجب اللعان لاعتبار جانبها وإن كان السقوط لمعنى من جانبها فينبغي ان لا يجب اللعان ولا الحد لأنا نقول القذف الصحيح إنما تعتبر فيه صفات المرأة إذا كان الزوج من أهل اللعان فاما إذا لم يكن من أهل اللعان لا تعتبر وإنما تعتبر صفات الزوج فيعتبر المانع بما فيه لا بما فيها فكان سقوط اللعان لمعنى في الزوج بعد صحة القذف فيحد والله عز وجل أعلم (فصل) وأما حكم اللعان فالكلام في هذا الفصل في موضعين أحدهما في بيان حكم اللعان والثاني في بيان ما يبطله حكمه أما بيان حكم اللعان فللعان حكمان أحدهما أصلى والاخر ليس بأصلي أما الحكم الأصلي للعان فنذكر أصل الحكم ووصفه أما الأول فنقول اختلف العلماء فيه قال أصحابنا الثلاثة هو وجوب التفريق ما داما على حال اللعان لا وقوع الفرقة بنفس اللعان من غير تفريق الحاكم حتى يجوز طلاق الزوج وظهاره وايلاؤه ويجرى التوارث بينهما قبل التفريق وقال زفر والشافعي هو وقوع الفرقة بنفس اللعان الا ان عند زفر لا تقع الفرقة ما لم يلتعنا وعند الشافعي تقع الفرقة بلعان الزوج قبل ان تلتعن المرأة وجه قول الشافعي ان الفرقة أمر يختص بالزوج ألا ترى انه هو المختص بسبب الفرقة فلا يقف وقوعها على فعل المرأة كالطلاق واحتج زفر بما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال المتلاعنان لا يجتمعان أبدا وفي بقاء النكاح اجتماعهما وهو خلاف النص ولنا ما روى نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رجلا لاعن امرأته في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وانتفى من ولدها ففرق النبي صلى الله عليه وسلم بينهما والحق الولد بالمرأة وعن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم لما لاعن بين عاصم بن عدي
(٢٤٤)