بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ٣٦
جعل لكم الأرض بساطا وكذا من حلف لا يمس وتدا فمس جبلا لا يحنث وان سمى الله عز وجل الجبل وتدا بقوله تعالى والجبال أوتادا فثبت ان ما قاله مالك غير صحيح والله أعلم (فصل) أما الحلف على الدخول اسم للانفصال من العورة إلى الحصن فان حلف لا يدخل هذه الدار وهو فيها فمكث بعد يمينه لا يحنث استحسانا والقياس ان يحنث ذكر القياس والاستحسان في الأصل وجه القياس ان المداومة على الفعل حكم انشائه كما في الركوب واللبس بان حلف لا يركب ولا يلبس وهو راكب ولابس فمكث ساعة انه يحنث لما قلنا كذا هذا وجه الاستحسان الفرق بين الفصلين وهو ان الدوام على الفعل لا يتصور حقيقة لان الدوام هو البقاء والفعل المحدث عرض والعرض مستحيل البقاء فيستحيل دوامه وإنما يراد بالدوام تجدد أمثاله وهذا يوجد في الركوب واللبس ولا يوجد في الدخول لأنه اسم للانتقال من العورة إلى الحصن والمكث قرار فيستحيل أن يكون انتقالا لا يحققه ان الانتقال حركة والمكث سكون وهما ضدان والدليل على التفرقة بين الفصلين انه يقال ركبت أمس واليوم ولبست أمس واليوم من غير ركوب ولبس مبتدإ ولا يقال دخلت أمس واليوم الا لدخول مبتدأ وكذا من دخل دارا يوم الخميس ومكث فيها إلى يوم الجمعة فقال والله ما دخلت هذه الدار يوم الجمعة بر في يمينه لذلك افترقا ولو حلف لا يركب أو لا يلبس وهو راكب أو لابس فنزل من ساعته أو نزع من ساعته لا يحنث عندنا خلافا لزفر وجه قوله إن شرط حنثه الركوب واللبس وقد وجد منه بعد يمينه وان قل (ولنا) ان ما لا يقدر الحالف على الامتناع من يمينه فهو مستثنى منه دلالة لان قصد الحالف من الحلف البر والبر لا يحصل الا باستثناء ذلك القدر وسواء دخل تلك الدار ماشيا أو راكبا لان اسم الدخول ينطلق على الكل ألا ترى انه يقال دخلت الدار ماشيا ودخلتها راكبا ولو أمر غيره فحمله فأدخله حنث لان الدخول فعل لا حقوق له فكان فعل المأمور مضافا إليه كالذبح والضرب ونحو ذلك على ما نذكره إن شاء الله تعالى في موضعه وان احتمله غيره فأدخله بغير أمره ولم يحنث لان هذا يسمى ادخالا لا دخولا لما ذكرنا ان الدخول انتقال والادخال نقل ولم يوجد ما يوجب الإضافة إليه وهو الامر وسواء كان راضيا بنقله أو ساخطا لان الرضا لا يجعل الفعل مضافا إليه فلم يوجد منه الشرط وهو الدخول وسواء كان قادرا على الامتناع أو لم يكن قادرا عليه عند عامة مشايخنا وقال بعضهم إن كان يقدر على الامتناع فلم يمتنع يحنث لأنه لما لم يمتنع مع القدرة كان الدخول مضافا إليه والصحيح قول للعامة لأنه لم يوجد منه الدخول حقيقة وامتناعه مع القدرة ان جاز ان يستدل به على رضاه بالدخول لكن الرضا يكون بالامر وبدون الامر لا يكفي لإضافة الفعل إليه فانعدم الدخول حقيقة وتقديرا وسواء دخلها من بابه أو من غيره لأنه جعل شرط الحنث مطلق الدخول وقد وجد ولو نزل على سطحها حنث لان سطح الدار من الدار إذ الدار اسم لما أحاط به الدائرة والدائرة أحاطت بالسطح وكذا لو أقام على حائط من حيطانها لان الحائط مما تدور عليه الدائرة فكان كسطحها ولو قام على ظلة لها شارعة أو كنيف شارع فإن كان مفتح ذلك إلى الدار يحنث والا فلا لأنه إذا كان مفتحه إلى الدار يكون منسوبا إلى الدار فيكون من جملة الدار والا فلا وان قام على أسكفة الباب فإن كان الباب إذا أغلق كانت الاسكفة خارجه عن الباب لم يحنث لأنه خارج وإن كان أغلق الباب كانت الاسكفة داخلة الباب حنث لأنه داخل لان الباب يغلق على ما في داخل الدار لا على ما في الخارج وان أدخل الحالف احدى رجليه ولم يدخل الأخرى لم يحنث لأنه لم ينتقل كله بل بعضه وقد روى عن بريدة رضي الله عنه أنه قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد فقال لي اني لاعلم آية لم تنزل على نبي بعد سليمان بن داود عليه الصلاة السلام الا على فقلت وما هي يا رسول الله فقال لا أخرج من المسجد حتى أعلمكها فلما أخرج احدى رجليه فقلت في نفسي لعله قد نسي فقال لي بم نفتتح القراءة فقلت ببسم الله الرحمن الرحيم فقال صلى الله عليه وسلم هي هي فلو كان هذا القدر خروجا لكان تأخير التعليم إليه خلفا في الوعد ولا يتوهم ذلك بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام ودل الحديث على أن التسمية آية من القران لان النبي صلى الله عليه وسلم سماها آية ومن
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248