في الأصل، وإن كان منفردا عن النخل له طريق غيره لم تجز فيه المساقاة ولم تصح إلا أن يكترى كراء، وسواء قليل ذلك وكثيره ولا حد فيه إلا ما وصفت اه.
وقال الماوردي: وإذا كانت المخابرة هي استكراء الأرض لزراعتها ببعض ما يخرج منها فهي على ضربين، ضرب أجمع الفقهاء على فساده، وضرب اختلفوا فيه، فأما الضرب الذي أجمعوا على فساده فهو أن تكون حصة كل واحد منهما من زرع الأرض مفردة عن حصة صاحبه مثل أن يقول: قد زارعتك على هذه الأرض على ما نبت من الماذيانات كان لي، وما نبت على السواقي والجداول كان لك أو على أن ما سقى بالسماء فهو لي وما سقى بالرشا فهو لك، فهذه مزارعة باطلة اتفق الفقهاء على فساده لرواية سعيد بن المسيب عن سعد بن أبي وقاص ثم ساق الحديث، وأما الضرب الثاني الذي اختلف الفقهاء فيه فهو أن يزارعه على ارضه ليكون العمل على الأجير والأرض لربها والبذر منهما أو من أحدهما بحسب شرطهما على أن ما أخرج الله تعالى من زرع كان بينهما على سهم معلوم من نصف أو ثلث أو ربع ليأخذ الزارع سهمه بعمله، ويأخذ رب الأرض سهمه بأرضه فهذه هي المخابرة، والمزارعة التي اختلف الفقهاء فيها على ثلاثة مذاهب:
أحدها وهو مذهب الشافعي أنها باطلة سواء شرط البذر على الزارع أو على رب الأرض، وبه قال من الصحابة عبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله ورافع ابن خديج رضي الله عنهم ومن التابعين سعيد بن جبير وعكرمة ومن الفقهاء الشافعي ومالك وأبو حنيفة.
والمذهب الثاني أنها جائزة سواء شرط البذر على الزارع أو على رب الأرض وبه قال من الصحابة علي بن أبي طالب وعمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود وسعد ابن أبي وقاص ومعاذ بن جبل رضي الله عنهم ومن التابعين سعيد بن المسيب ومحمد ابن سيرين وعبد الرحمن بن أبي ليلى، ومن الفقهاء سفيان الثوري وأبو يوسف ومحمد، والمذهب الثالث: أنه إن شرط البذر على صاحب الأرض لم يجز، وإن شرطه على الزارع جاز وهو مذهب أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، واستدل من أجاز ذلك برواية عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم