وأقبال الجداول وأشياء من الزرع فيهلك هذا ويسلم هذا، ويسلم هذا ويهلك هذا ولم يكن للناس كرى إلا هذا فلذلك زجر عنه فأما شئ معلوم مضمون فلا بأس به.
وفى رواية عند أحمد والبخاري والنسائي عن رافع قال " حدثني عماي أنهما كانا يكريان الأرض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بما ينبت على الأربعاء وبشئ يستثنيه صاحب الأرض قال: فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ".
وفى رواية عند أحمد " إن الناس كانوا يكرون المزارع في زمان النبي صلى الله عليه وسلم بالماذيانات وما يسقى الربيع وشئ من التين فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم كرى المزارع بهذا ونهى عنها ".
وقد حكى في الفتح الحافظ بن حجر عن الجمهور أن النهى محمول على الوجه المفضى إلى الغرر والجهالة، لا عن إكرائها مطلقا حتى بالذهب والفضة قال: ثم اختلف الجمهور في جواز إكرائها بجزء مما يخرج منها فمن قال بالجواز حمل أحاديث النهى على التنزيه قال: ومن لم يجز إجارتها بجزء مما يخرج قال: النبي عن كرائها محمول على ما إذا اشترط صاحب الأرض ناحية منها أو شرط ما ينبت على النهر لصاحب الأرض لما في كل ذلك من الغرر والجهالة.
وفى رواية رافع عند البخاري أنه قال: ليس بها بأس بالدينار والدرهم، قال ابن حجر: يحتمل أن يكون رافع قال ذلك باجتهاده، ويحتمل أن يكون علم ذلك بطريق التنصيص على جوازه أو علم أن النهى عن كرى الأرض ليس على إطلاقه بل بما إذا كان بشئ مجهول ونحو ذلك فاستنبط من ذلك جواز الكرى بالذهب والفضة ويرجح كونه مرفوعا بما أخرجه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح عنه قال " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة وقال: إنما يزرع ثلاثة رجل له أرض ورجل منح أرضا، ورجل اكترى أرضا بذهب أو فضة " لكن بين النسائي من وجه آخر أن المرفوع منه النهى عن المحاقلة والمزابنة، وأن بقيته مدرج من كلام سعيد بن المسيب.