(الشرح) حديث ابن عمر هو حديث معاملة الرسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل خيبر وقد مضى تخريجه وبيان طرقه وما قيل من رجوع ابن عمر عنه، أما قوله:
السيح فهو الماء الجاري ويسميه الفلاحون في ديارنا المصرية (السقي بالراحة) وهو ما لا يحتاج إلى شد للماء بالسواقي أو الشواديف وإنما يرتفع الماء في جداوله على أعلى من مستوى سطح الأرض فيفتح الزارع فتحة من المسقاة فينساب الماء سيحانا إلى الأرض المراد سقيها فيغمرها في لحظات قصيرة، أما التلقيح فهو التأبير، أما صرف الجريد وهو تنحيته وتخفيفه وبتر أسافله لتهذيب النخل والخلوص إلى العذوق بغير أن تؤذى سلاها والأجاجين جمع إجانة وهو الطسوت والمواجير والمراكن الكبير التي تغسل فيها الثياب.
أما الأحكام: فقد قال الشافعي: ولا تجوز المساقاة إلا على أجر معلوم.
قلت: لأنه عقد معاوضة فلم يصح مع جهالة العوض كالبيع والإجارة، فلو ساقاه على ما يكفيه أو ما يرضيه بطلت المساقاة للجهل بقدر نصيبه منها، إذ قد لا يرضيه إلا جميعها، ولا يكفيه إلا أكثرها، فإن قيل: فإذا صحت المساقاة مع الجهالة بقدر الثمرة فهل صحت مع الجهالة بقدر نصيبه من الثمرة؟ قيل: لان العلم بقدر ما يحدث من الثمرة غير ممكن فلم يعتبر العلم بقدر نصيبه منها.
(فرع) قال الشافعي: وان ساقاه على أن له ثمر نخلات بعينها من الحائط لم يجز، قال الماوردي: هذا صحيح، لان عقد المساقاة يوجب اشتراك العامل ورب النخل في الثمر فإذا عقداها على أن للعامل ثمر نخلات بعينها منها وأفضى إلى أن يستبد أحدهما بجميع الثمرة دون صاحبه لأنه قد يجوز أن لا تحمل تلك النخلات فينصرف العامل بغير شئ، ويجوز أن لا تحمل الا تلك النخلات فينصرف رب المال بغير شئ فلذلك بطل اه.
(فرع) وتحديد نصيب العامل من الثمرة بقدر معلوم أحد شروط عقد المساقاة على أن يكون شائعا في الثمرة غير معين من نصف أو ربع أو ثلث أو عشر قل ذلك الجزء أو كثر، فإن جهل نصيبه بأن جعل له ما يرضيه أو ما يكفيه أو ما يحكم له