قال المزني: هذا قوله في القديم وأصل قوله الجديد المعروف أن كل عقد فاسد لا يجوز. قال المزني: فإن اشترى بعين المال فهو فاسد، وإن اشترى بغير العين جائز والربح للعامل الأول وعليه الضمان، وللعامل الثاني أجرة مثله في قياس قوله.
وقال الماوردي: إن العامل في القراض ممنوع أن يقارض غيره بمال القراض ما لم يأذن له رب المال به إذنا صحيحا صريحا. وقال أبو حنيفة: إن قال له رب المال عند دفعه له: اعمل فيه برأيك جاز أن يدفع منه قراضا إلى غيره لأنه مفوض إلى رأيه فجاز أن يقارض لأنه من رأيه. وهذا خطأ لان قوله: اعمل فيه برأيك يقتضى أن يكون عمله فيه موكولا إلى رأيه، فإذا قارض به كان العمل لغيره ولأنه لو قارض بجميع المال لم يجز، وإن كان ذلك من رأيه لعدوله بذلك عن عمله إلى عمل غيره، فكذلك إذا قارض ببعضه، فإذا تقرر أنه لا يجوز أن يقارض غيره بالمال الا بإذن صريح من رب المال فلا يخلو رب المال من ثلاثة أقسام (أحدها) أن يأذن له في العمل بنفسه ولا يأذن له في مقارضة غيره (والثاني) أن يأذن له في مقارضة غيره فأما القسم الأول فإن قارض غيره بالمال فقد تعدى وصار ضامنا للمال بعدوانه كالغاصب فيكون ربحه حكمه حكم الغاصب. ولمن يكون الربح؟ على قولين: أحدهما وهو القديم أن ربح المغصوب لرب المال، فعلى هذا قال المزني ههنا ان لرب المال نصف الربح والنصف الآخر بين العاملين الأول والثاني فاختلف أصحابنا في ذلك، فكان أبو العباس بن سريج يقول:
يجب أن يكون على هذا القول جميع الربح لرب المال، لأنه ربح مال مغصوب فأشبه المغصوب من غير مقارضه، فإذا أخذ رب المال ماله وربحه كله رجع العامل الثاني على العامل الأول بأجرة مثله لأنه هو المستهلك لعمله والضامن له بقراضه، فلو تلف المال في يد العامل الثاني كان رب المال بالخيار في الرجوع برأس ماله وربحه على من شاء منهما، لان الأول ضامن بعدوانه والثاني ضامن بيده، فإن أغرم الأول لم يرجع على الثاني بشئ لأنه أمينه فيما غرمه. وان أغرم الثاني رجع على الأول بما غرمه مع أجرة مثل عمله، ولا يلزم رب المال - وان