مسؤولية الأمين في الاجتهاد وعدم التفريط شرعا، فلا حكم للنهي وكأنه لم يكن وقد رجح الشيخ أبو إسحاق الشيرازي الأول لأنه بهذه الصورة من النهى قد أهدر حقه في الضمان وإن خالف الشرع، كما لو أمر غيره بقطع يده أو إتلاف ماله فإنه لا ضمان له، وإن أثم الفاعل، وبهذا قال الحنابلة قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) فإن أودعه شيئا فربطه في كمه لم يضمن، فإن تركه في كمه ولم يربطه نظرت، فإن كان خفيفا إذا سقط لم يعلم به ضمنه، لأنه مفرط في حفظه وإن كان ثقيلا إذا سقط علم به لم يضمن لأنه غير مفرط، وان تركه في جيبه فإن كان مزررا أو كان الفتح ضيقا لم يضمن لأنه لا تناله اليد، وإن كان واسعا غير مزرر ضمن لان اليد تناله.
وان أودعه شيئا فقال: أربطه في كمك فأمسكه في يده فتلف فقد روى المزني أنه لا يضمن، وروى الربيع في الام أنه يضمن، فمن أصحابنا من قال: هو على قولين (أحدهما) لا يضمن، لان اليد أحرز من الكم، لأنه قد يسرق من الكم ولا يسرق من اليد (والثاني) أنه يضمن، لان الكم أحرز من اليد، لان اليد حرز مع الذكر دون النسيان والكم حرز مع النسيان والذكر. ومن أصحابنا من قال: إن ربطها في كمه وأمسكها بيده لم يضمن، لان اليد مع الكم أحرز من الكم وان تركها في يده ولم يربطها في كمه ضمن، لان الكم أحرز من اليد، وحمل الروايتين على هذين الحالين.
وان أمره أن يحرزها في جيبه فأحرزها في كمه ضمن، لان الجيب أحرز من الكم، لان الكم قد يرسله فيقع منه ولا يقع من الجيب، وان قال احفظها في البيت فشدها في ثوبه وخرج ضمنها، لان البيت أحرز، فان شدها في عضده، فإن كان الشد مما يلي أضلاعه لم يضمن، لأنه أحرز من البيت، وإن كان من الجانب الآخر ضمن، لان البيت أحرز منه، وان دفعها إليه في السوق وقال:
احفظها في البيت فقام في الحال ومضى إلى البيت فأحرزها لم يضمن، وان قعد في السوق وتوانى ضمنها لأنه حفظها فيما دون البيت.