(الشرح) الأحكام: إذا وكله في بيعها لا يجوز له أن يبيعها من نفسه، فان أذن له كان بيعا، فان وقع حين التسليم وعقد الوكالة كان بيعا ولا عبرة بالوكالة ولان العرف في البيع وأيضا أحكام الشريعة في البيع تقوم على الايجاب، والايجاب هو أن يوجب لغيره، ولان اذن البيع يقتضى من الوكيل أن يبيع بما هو الاحظ في الثمن من حيث استقصاء الثمن بغير محاباة، فلو باع من نفسه فإنه ربما تغاضى عن مراعاة هذا الاعتبار بمحاباة نفسه، ولم يدخل في الاذن.
ودليلنا أن كل ما عقده الوكيل للموكل اقتضى وقوع الملك بالعقد للموكل كالنكاح، ولان كل من ناب في العقد عن غيره وقع الملك به للمعقود له دون عاقده قياسا على ولى اليتيم وأب الطفل، ولأنه لما كان الوكيل في البيع لا يملك الثمن ويكون الثمن بالعقد ملكا للموكل وجب أن يكون الوكيل في الشراء لا يملك الثمن ويكون الملك بالعقد واقعا للموكل وأما الجواب عن استدلالهم بالشفعة فمنتقض بولي اليتيم وأب الطفل، ثم المعنى في الشفيع أنه يملك المبيع بالشفعة دون العقد. وأما الجواب عن استدلالهم بالثمن فسيذكر من شرح المذهب فيه ما يكون انفصالا عنه. وأما الجواب عن استدلالهم بأن تمام العقد لمتعاقدين فكذا موجبه من الملك يكون واقعا بالمتعاقدين فهو أنه منتقض بالحاكم وولى اليتيم وأب الطفل وبعقد النكاح، وليس لهم استدلال في المسألة يسلم من الكسر.
(فرع) قال في الحاوي: قال المزني: أعلم للوكيل والوصي أن يشترى من نفسه. اعلم أن النيابة في البيع والشراء قد يكون من أربعة أوجه، أحدها من جهة النسب، وهي الأب والجد على ابنه الطفل، والثاني من جهة الحكم، وهي للحاكم أو أمينه على المولى عليه لصغر أو سفه. والثالث من جهة الوصية، وهي وصاية الأب والجد وغيرهما على الطفل ممن تصح وصايته. والرابع من جهة الوكالة، وهو الوكيل الرشيد، فاختلف الفقهاء هل لهم ولاية أن يبيعوا على أنفسهم مالهم بيعه، ويشتروا من أنفسهم ما لهم شراؤه؟ على أربعة مذاهب (أحدها) وهو مذهب مالك والأوزاعي أنه يجوز لجميعهم أن يبيعوا على أنفسهم ويشتروا من أنفسهم.