(فصل) ولا يجوز للعامل أن يقارض غيره من غير إذن رب المال لان تصرفه بالاذن ولم يأذن له رب المال في القراض فلم يملكه، فان قارضه رب المال على النصف وقارض العامل آخر واشترى الثاني في الذمة ونقد الثمن من مال القراض وربح بنينا على القولين في الغاصب إذا اشترى في الذمة ونقد فيه المال المغصوب وربح، فان قلنا بقوله القديم إن الربح لرب المال فقد قال المزني ههنا ان لرب المال نصف الربح والنصف الآخر بين العاملين نصفين. واختلف أصحابنا في ذلك فقال أبو إسحاق هذا صحيح لان رب المال رضى أن يأخذ نصف ربح فلم يستحق أكثر منه والنصف الثاني بين العاملين لأنهما رضيا أن يكون ما رزق الله بينهما، والذي رزق الله تعالى هو النصف، فان النصف الآخر أخذه رب المال فصار كالمستهلك. ومن أصحابنا من قال: يرجع العامل الثاني على العامل الأول بنصف أجرة مثله لأنه دخل على أن يأخذ نصف ربح المال ولم يسلم له ذلك، وان قلنا بقوله الجديد فقد قال المزني الربح كله للعامل الأول وللعامل الثاني أجرة المثل فمن أصحابنا من قال هذا غلط لان على هذا القول الربح كله للعامل الثاني لأنه هو المتصرف فصار كالغاصب في غير القراض. ومنهم من قال الربح للأول كما قال المزني لان العامل الثاني لم يشتر لنفسه وإنما اشتراه للأول فكان الربح له بخلاف الغاصب في غير القراض، فان ذلك اشتراه لنفسه فكان الربح له.
* * * (الشرح) قال الشافعي: ولا يجوز أن يقارضه إلى مدة من المدد. فإذا عرفت ما قررناه في أول الباب من أن القراض من العقود الجائزة لا اللازمة فقد صح عقده مطلقا بدون شرط مدة أو تحديد وقت يكون القراض فيه، فلو شرطا مدة يكون القراض فيها لازما بطل.
فإذا ثبت هذا فاشتراط المدة على ضربين:
(أحدهما) أن يشترطا لرفع العقد فيها فيكون القراض باطلا لما ذكرنا.
(الثاني) أن يشترطا الفسخ في العقد بعدها فهذا على ضربين: