تناول تصرفين وفى أحدهما نظر للموكل لزمه ما فيه النظر للموكل لما روى ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأس الدين النصيحة: قلنا يا رسول الله لمن قال لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وللمسلمين عامة وليس من النصح أن يترك ما فيه الحظ والنظر للموكل.
(الشرح) حديث " لا ضرر ولا ضرار " مضى تخريجه في غير موضع، وحديث ثوبان رواه الجماعة.
الأحكام: إذا وكله في بيع شئ أو طلب الشفعة أو قسم شئ ففيه وجهان (أحدهما) يملك تثبيته، وهو قول أبي حنيفة في القسمة وطلب الشفعة، لأنه لا يتوصل إلى ما وكله فيه إلا بالتثبيت (والثاني) لا يملكه، وهو قول بعض أصحابنا لأنه يمكن أحدهما دون الآخر، فلم يتضمن الاذن في أحدهما الاذن في الآخر، فإذا قال: اقبض حقي من فلان لم يكن له قبضه من وارثه. لأنه لم يؤمر بذلك، وإن قال: اقبض حقي الذي قبل فلان أو على فلان جاز له مطالبة وارثه والله تعالى أعلم.
قال المصنف رحمه الله:
(فصل) وان وكل في تصرف وأذن له أن يوكل إذا شاء نظرت، فإن عين له من يوكله وكله أمينا كان أو غير أمين لأنه قطع اجتهاده بالتعيين، وان لم يعين من يوكل لم يوكل الا أمينا لأنه لا نظر للموكل في توكيل غير الأمين، فان وكل أمينا فصار خائنا فهل يملك عزله، فيه وجهان.
(أحدهما) يملك عزله، لان الوكالة تقتضي استعمال أمين، فإذا خرج عن أن يكون أمينا لم يجز استعماله، فوجب عزله.
(والثاني) لا يملك عزله، لأنه أذن له في التوكيل دون العزل، وان وكله ولم يأذن له في التوكيل نظرت، فإن كان ما وكله فيه مما يتولاه الوكيل ويقدر عليه، لم يجز أن يوكل فيه غيره، لان الاذن لا يتناول تصرف غيره من جهة النطق، ولا من جهة العرف، لأنه ليس في العرف إذا رضيه أن يرضى غيره،