قال المصنف فيه قولان، وهذا يدل على أنه يجوز أن يقتص مع غيبة الموكل فمن أصحابنا من قال: يجوز قولا واحدا، وهو قول أبي إسحاق المروزي، لأنه حق يجوز استيفاؤه بحضرة الموكل فجاز في غيبته، كقبض الدين، وحمل قوله:
لا يستوفى الذي قاله الشافعي في الوكالة على الاستحباب ومن أصحابنا من قال: لا يجوز قولا واحدا، لان الحد والقصاص إذا عرفنا أننا مأمورون بالدرء والاحتياط والتماس الشبهات الصارفة عن الإدانة وعرفنا مع ذلك أن العفو مندوب إليه بل رغب الله فيه وقال " فمن عفى له من أخيه شئ فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان " ومن ثم كان رجاؤنا أن يرحم أخاه فيعفو عنه، ومن هنا حمل قول الشافعي في الجنايات على أنه أراد إذا تنحى به ولم يغب عن عينه فعفا عنه من حيث لم يسمع الوكيل صيغة العفو فقتله، ووجه القولين بالجواز وعدمه ما ذكرنا والله تعالى أعلم.
(فرع) توكيل مسلم كافرا في استيفاء قود من مسلم هل يصح؟ قولان.
(أحدهما) لا يصح (والثاني) يصح، وهو اختيار الرملي في شرحه للمنهاج للنووي قال: وهذه مردودة بأن الوكيل لا يستوفيه لنفسه، وبأن المصنف إنما جعل صحة مباشرته شرطا لصحة توكله، ولا يلزم من وجود الشرط وجود المشروط وإنما يلزم من عدمه عدمه والأول صحيح والثاني في غير محله إذ الشرط وهو صحة المباشرة غير موجود هنا رأسا، والله تعالى أعلم.
قال المصنف رحمه الله تعالى (فصل) ولا يصح التوكيل إلا ممن يملك التصرف في الذي يوكل فيه بملك أو ولاية فأما من لا يملك التصرف في الذي يوكل فيه كالصبي والمجنون والمحجور عليه في المال والمرأة في النكاح والفاسق في تزويج ابنته، فلا يملك التوكيل فيه لأنه لا يملكه، فلا يملك أن يملك دلك غيره، وأما من لا يملك التصرف إلا بالاذن كالوكيل والعبد المأذون، فإنه لا يملك التوكيل الا بالاذن لأنه يملك التصرف بالاذن، فكان توكيله بالاذن، واختلف أصحابنا في غير الأب والجد من العصبات، هل يملك التوكيل في التزويج من غير إذن المرأة؟ فمنهم من قال: