ذلك، وما أوجبوا على أنفسهم مما أخذوا به العوض من البيوع والإجارات والهبات للثواب وما في معناه وما أعطوا متطوعين من أموالهم التماس واحد من وجهين أحدهما طلب ثواب الله تعالى، والآخر طلب الاستحماد ممن أعطوه إياه وكلاهما معروف حسن ونحن نرجو عليه الثواب إن شاء الله تعالى ثم ما اعطى الناس من أموالهم من غير هذه الوجوه وما في معناها واحد من وجهين أحدهما حق والآخر باطل فما أعطوا من الباطل غير جائز لهم ولا لمن أعطوه وذلك قول الله عز وجل (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) فالحق من هذا الوجه الذي هو خارج من هذه الوجوه التي وصفت يدل على الحق في نفسه وعلى الباطل فيما خالفه، وأصل ذكره في القرآن والسنة والآثار، قال الله تبارك وتعالى فيما ندب إليه أهل دينه (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل) فزعم أهل العلم بالتفسير أن القوة هي الرمي، وقال الله تبارك وتعالى (وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب) (قال الشافعي) رحمه الله تعالى أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن نافع بن أبي نافع عن أبي هريرة رضى الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لاسبق إلا في نصل أو حافر أو خف) (قال الشافعي) وأخبرني ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن عباد بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لاسبق إلا في حافر أو خف) قال: وأخبرنا أبن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب قال: مضت السنة في النصل والإبل والخيل والدواب حلال: قال: وأخبرنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل التي قد أضمرت (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وقول النبي صلى الله عليه وسلم (لاسبق إلا في خف أو حافر أو نصل) يجمع معنيين أحدهما أن كل نصل رمى به من سهم أو نشابة أو ما ينكأ العدو نكايتهما وكل حافر من خيل وحمير وبغال وكل خف من إبل يحت أو عراب داخل في هذا المعنى الذي يحل فيه السبق. والمعنى الثاني أنه يحرم أن يكون السبق إلا في هذا: وهذا داخل في معنى ما ندب الله عز وجل إليه وحمد عليه أهل دينه من الاعداد لعدوه القوة ورباط الخيل والآية الأخرى (فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب) لأن هذه الركاب لما كان السبق عليها يرغب أهلها في اتخاذها لآمالهم إدراك السبق فيها والغنيمة عليها كانت من العطايا الجائزة بما وصفتها فالاستباق فيها حلال وفيما سواها محرم فلو أن رجلا سابق رجلا على أن يتسابقا على أقدامهما أو سابقه على أن يعدو إلى رأس جبل أو على أن يعدو فيسبق طائرا أو على أن يصيب ما في يديه أو على أن يمسك في يده شيئا فيقول له أركن فيركن فيصيبه أو على أن يقوم على قدميه ساعة أو أكثر منها أو على أن يصارع رجلا أو على أن يداحي رجلا بالحجارة فيغلبه كان هذا كله غير جائز من قبل أنه خارج من معاني الحق الذي حمد الله عليه وخصته السنة بما يحل فيه السبق وداخل في معنى ما حظرته السنة إذ نفت السنة أن يكون السبق إلا في خف أو نصل أو حافر وداخل في معنى أكل المال بالباطل لأنه ليس مما أخذ المعطى عليه عوضا ولا لزمه بأصل حق ولا أعطاه طلبا لثواب الله عز وجل ولا لمحمدة صاحبه بل صاحبه يأخذه غير حامد له وهو غير مستحق له فعلى هذا عطايا الناس وقياسها (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: والاسباق ثلاثة سبق يعطيه الوالي أو الرجل غير الوالي من ماله متطوعا به وذلك مثل أن يسبق بين الخيل من غاية إلى غاية فيجعل للسابق شيئا معلوما وإن شاء جعل للمصلى والثالث والرابع والذي يليه بقدر ما أرى فما جعل لهم كان لهم على ما جعل لهم وكان مأجورا عليه أن يؤدى فيه وحلالا لمن أخذه. وهذا وجه ليست فيه علة. والثاني يجمع وجهين وذلك أن يكون الرجلان يريدان يستبقان بفرسيهما ولا يريد كل
(٢٤٣)