(المسألة 29):
إذا كان صاحب الأرض قد اشترط على العامل في ضمن عقد المزارعة بينهما أن يتولى العامل الزرع في الأرض والعمل في ذلك بنفسه، فقد يكون هذا الاشتراط منه على وجه التقييد لموضوع المزارعة ووحدة المطلوب فيه، والمعنى الصريح لذلك: أن المزارعة التي جرى عليها العقد بينهما إنما تعلقت بعمل العامل بنفسه، وبمنفعته الخاصة التي يقوم بها على سبيل المباشرة، فإذا مات العامل في هذه الصورة بطلت المزارعة بموته دون ريب، وذلك لأن وارث العامل لا يستطيع أن يقوم مقام مورثه العامل في ذلك فيأتي بموضوع المزارعة حسب ما قيده به المالك.
وقد يكون ذلك الاشتراط من صاحب الأرض على سبيل تعدد المطلوب في المعاملة، والمعنى المراد من ذلك أن المزارعة التي جرى عليها العقد قد تعلقت بأن يأتي العامل بالعمل على أي وجه اتفق، سواء أتى بالعمل بنفسه أم أتى به غيره بالنيابة عنه، وهذا هو المطلوب الأول، وأن صاحب الأرض يشترط على العامل في ضمن العقد أمرا زائدا على ذلك، وهو أن يتولى القيام بالعمل بنفسه، وهذا هو المطلوب الثاني في العقد، فإذا مات العامل في هذه الصورة لم تبطل المعاملة بموته، فإن الوارث من بعده يستطيع أن يأتي بالعمل بالنيابة عن مورثه، وهو الذي تعلقت به المزارعة، ويثبت لصاحب الأرض خيار فسخ المعاملة إذا قام الوارث بالعمل بعد موت العامل لتخلف الشرط، فإن ما يأتي الوارث به غير ما شرطه صاحب الأرض على مورثه.