[المسألة 419:] الظاهر من قول المعصومين (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) في الأحاديث التي تقدم بعضها: في كل شهر عمرة أو لكل شهر عمرة: أن العمرة وظيفة خاصة في الشهر تترتب عليها بعض الآثار الشرعية، فيتأكد على المكلف استحباب العمرة في كل شهر، وإذا أتى المكلف بها جاز له أن يدخل مكة محلا بعدها مرة أو مرارا ما دام الشهر الذي اعتمر فيه، ولا يفتقر فيه إلى إحرام بعمرة جديدة، وإذا أتم المكلف عمرة التمتع ثم خرج من مكة إلى بعض النواحي لضرورة أحوجته إلى الخروج، ورجع إلى مكة قبل انتهاء شهر عمرته لم يفتقر إلى عمرة تمتع أخرى وكفته عمرته الأولى، وإذا أفسد المكلف عمرته المفردة بالجماع قبل أن يتم السعي في العمرة وجب عليه أن يقيم في مكة حتى يخرج شهر عمرته الفاسدة ويعتمر في الشهر المقبل، وهذه كلها أحكام خاصة لعمرة الشهر ثبتت لأدلتها الخاصة، وقد سبق ذكر بعضها، وأما أن المكلف لا يشرع له أن يأتي بعمرة مفردة ثانية في الشهر إذا كان قد اعتمر فيه عمرة مفردة قبلها، فلا دلالة في الأحاديث المذكورة على ذلك، ولا دلالة لها على اعتبار الفصل بشهر بين العمرتين لتكون مقيدة للمطلقات الدالة على استحباب العمرة.
وأما خبر علي بن أبي حمزة البطائني عن أبي الحسن (ع) الدال على أن في كل عشرة أيام عمرة، فالظاهر ضعف سنده ولذلك فلا يصلح أن يكون مقيدا للمطلقات المذكورة، وإذا فرضنا سلامة سنده فسبيله الأحاديث المعتبرة التي تقدم الكلام فيها.