اصراره عليه، وجب ترك ذلك، بل وجب اكباره وإجلاله لسيطرته على نفسه، واحلاله الموضع اللائق به من المجتمع المسلم السليم.
ولا يجوز اعلان أمره والتشهير به إذا كان متسترا بفعله، وأمكن علاجه بما هو أيسر وأخف وألين، ومن الله التوفيق والعون للآمر والمأمور، ولنا وللمؤمنين على الأخذ بأحكامه واتباع منهاجه وهداه في ما نقول وما نعمل.
[المسألة 28:] يمكن للمكلف أن يعتمد في أمره لصاحبه بالمعروف ونهيه إياه عن المنكر على المكاتبة، فيبسط له فيها من الحديث معه ما لا يقدر على بيانه باللسان، ويكشف له ما لا يمكن كشفه بالقول وينصب له من القرائن ما يوضح المراد، ويضع النقاط على الحروف كما يقول المثل الدارج، ويتخذ الأسلوب النافع، فإذا كان المكلف في اتباع هذه الطريقة أقدر على التأثير وأكثر ضمانا للعلاج الواجب، وجب عليه ذلك.
[المسألة 29:] إذا ترك الفاعل معروفا واجبا أو ارتكب منكرا محرما، وجب على المكلف العالم بحاله أمره بالمعروف الذي تركه ونهيه عن المنكر الذي فعله، مع اجتماع شروط الوجوب كما تقدم، ووجب عليه أمره بالتوبة من تلك الخطيئة التي فعلها، إذا كان عازما على عدم التوبة منها، فإن ترك التوبة من الخطيئة إحدى كبائر الذنوب، وهما واجبان مستقلان، فيجب على المكلف الأمر بالمعروف في كليهما، ولا يكفي أداء أحدهما عن أداء الآخر، فإذا أمر الفاعل بالمعروف ونهاه عن المنكر من الجهة الأولى ففعل المعروف وارتدع عن المنكر، ولم يتب من خطيئته وجب على المكلف أمره بالتوبة ولم يسقط عنه وجوب الأمر بها بامتثال الفاعل لأمره الأول.
[المسألة 30:] تجب مقاطعة فاعلي الشر والسوء ومرتكبي المنكر وتاركي الواجبات من الناس، وتحرم مجالستهم، ومخالطتهم والركون إليهم مهما أمكن، وقد قال سبحانه في كتابه: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار، وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون) وفي الخبر عن أمير المؤمنين (ع): (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقوم مكان ريبة)، وعن الإمام جعفر بن محمد (ع): (من