يستطيع التأثير في الفاعل إلا بالاستعانة عليه بشخص غيرهما وجب عليه أن يعلم ذلك الشخص ويستعين به أو يوكل الأمر إليه إذا علم منه القدرة عليه منفردا، ويكون المكلف معذورا في التأخير حتى يستعين بذلك الشخص أو يوكل الأمر إليه.
[المسألة 16:] إذا اجتمعت للمكلف شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولم يأمر ولم ينه، أثم بتركه إذا كان غير معذور في تركه، وقد ذكرنا هذا أكثر من مرة، فإذا انتقص بعد ذلك بعض الشروط ارتفع عنه الوجوب، ومثال ذلك: أن يحصل له العلم بوقوع الضرر عليه في نفسه أو ماله، أو يخاف وقوع الضرر عليه بعد أن كان آمنا منه، أو يحصل له العلم بعدم تأثير أمره ونهيه في المخاطب بعدما كان عالما بوجود الأثر لقوله، فيسقط عنه وجوب الأمر والنهي.
وإذا علم بعدم وجود بعض الشروط أو شك في وجود بعضها، فترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لذلك كان معذورا وقد بينا هذا في ما تقدم، فإذا اتفق أن توفرت له الشروط بعد ذلك وجب عليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالمدار في الصورتين على إحراز وجود الشرائط في حال قيامه بالأمر والنهي وتصديه للامتثال.
[المسألة 17:] إذا وجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على المكلف أمكن أن يقع امتثاله لهذا الوجوب على ثلاث مراتب.
(المرتبة الأولى): أن ينكر المكلف على الشخص تركه لفعل الواجب أو ينكر عليه فعله للمنكر، ويكون انكاره عليه بقلبه، ومن الواضح جدا إن مجرد إنكاره عليه بالقلب وكراهته أن يقع ذلك منه لا يعد أمرا بمعروف ولا نهيا عن منكر إذا لم يعلم الشخص المأمور بإنكار الآمر عليه، ولم يعلم بأن الإنكار والكراهة قد استحقهما من الآمر بسبب تركه للواجب وفعله للمحرم، ولذلك فلا بد وأن ينضم إلى الإنكار في القلب ما يدل المأمور على ذلك، فيعرض الآمر عنه بوجهه إذا لقيه أو اجتمع به مثلا، ويهجره فلا يزوره، ويحتجب عنه إذا أراد المأمور زيارته أو لقاؤه، وما يشبه ذلك من الأفعال الدالة على المقصود في نظر أهل العرف، ولا ريب أيضا في أن لذلك درجات متفاوتة في الخفة والشدة، ولا بد للآمر أن يقتصر