بأداء فريضة من صلاة أو صوم أو ينهاه عن ترك محرم صغير يريد ارتكابه، ويرجع إلى الفقيه الجامع للشرائط في تعيين ما هو الأهم الأكبر من الأمرين المتزاحمين وما هو محتمل الأهمية منهما، وفي تعيين موارد التساوي والتخيير بينهما.
[المسألة 36:] يجب على المؤمن - وخصوصا إذا كان من أهل العلم والدين، والمتصدين لنصيحة الناس وإرشادهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر - أن يأمر نفسه بالمعروف الواجب، وأن ينهى نفسه عن المنكر المحرم، الصغير منه والكبير، وأن يكون من أشد الناس التزاما بذلك وأثبتهم على إطاعته وتطبيقه على نفسه، وقد ورد في وصية الإمام أمير المؤمنين (ع) لولده محمد بن الحنفية: (كن آخذ الناس بما تأمر به وأكف الناس عما تنهى عنه، وأمر بالمعروف تكن من أهله)، وعنه (ع) في بعض خطبه: (وانهوا عن المنكر وتناهوا عنه، فإنما أمرتم بالنهي بعد التناهي)، وعن علي بن الحسين (ع) في حديث له وصف فيه المؤمن والمنافق، قال: (والمنافق ينهى ولا ينتهي، ويأمر بما لا يأتي).
ويستحب له أن يأمر نفسه بالمعروف المندوب وأن يكون من المواظبين عليه، وأن ينهى نفسه عن المكروهات ويكون من التاركين لها، وأن يأخذ نفسه باكتساب الأخلاق والفضائل الحميدة والتمسك بها، ويجاهدها بنبذ الأخلاق والرذائل المذمومة والابتعاد عنها، حتى يصبح من أهل المعروف في الدنيا وأهل المعروف في الآخرة، كما نطقت به النصوص الواردة عن أدلة الهدى (ع)، فإذا هو تحلى بجميع ذلك واستكمل محامده واجتنب مذامه في القول والعمل، ثم أمر الناس الآخرين بالمعروف ونهاهم عن المنكر ودعاهم إلى ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة، فقد قام بالامتثال بأرفع مرتبة من الأمر والنهي في الأداء وأضمنها في التأثير، وأكبرها مقاما عند الله وأقربها زلفة لديه، وقد ورد في بعض أقوال أمير المؤمنين (ع): (من نصب نفسه للناس إماما فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه، ومعلم نفسه ومؤدبها أحق بالإجلال من معلم الناس ومؤدبهم). ومن الله التوفيق والعون لنيل هذه المرتبة وغيرها من مراتب الكمال النفساني والخير الأعلى المقصود لأهل الدين.