[المسألة 37:] يجب التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر بين الأفراد والجماعات من المؤمنين، فكل فرد منهم يأمر نفسه ويأمر الآخرين بفعل المعروف الواجب، وينهى نفسه وينهى الآخرين عن ارتكاب المنكر المحرم، ويجب عليهم التواصي بالحق وإقامته، والتواصي بالصبر على الطاعات والصبر عن المعاصي، وخصوصا إذا اعتيد بين الناس ترك المعروف وارتكاب المنكر فيجب على المؤمنين أن يتآزروا على محو ذلك ما استطاعوا في أفعالهم وأقوالهم.
وتحرم المجاهرة بين الأفراد والجماعات بترك المعروف والتظاهر بفعل المنكرات أو استسهال أمرها والتغاضي عن حدوثها، والمجاهرة بترك المعروف جرأة كبيرة على الله وإعلان من العبد بترك واجباته، والتظاهر بالمنكر تجرؤ شديد على الله واعلان من العبد بفعل محرماته، ومن أجل ذلك يكونان أشد حرمة وتماديا في الغي والعتو عليه سبحانه ومحاربة صريحة له، ويجب تآزر الأفراد والجماعات المسلمة على نبذ ذلك، والحيلولة عن وقوع هذا الداء العضال، وقد ذكرنا في أول الكتاب بعض النصوص المحذرة عن حصوله والمخوفة من سوء عاقبته، وعن الإمام الرضا (ع): (كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إذا أمتي تواكلت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فليأذنوا بوقاع الهلاك من الله)، والمراد أن يترك كل فرد وكل فريق من الأمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اتكالا على غيره فلا يقيمهما منهم أحد، وفي حديث طويل للإمام محمد بن علي الباقر (ع) ذكر فيه رفض الناس لهذه الفريضة في آخر الزمان وابتغاءهم المعاذير في تركها، ثم قال (ع): (هنالك يتم غضب الله عز وجل عليهم فيعمهم بعقابه، فيهلك الأبرار في دار الأشرار والصغار في دار الكبار) وتلاحظ المسألة الثانية.
[المسألة 38:] يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الجماعات كما يجب على الأفراد فإذا كان الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر لا يتأدى إلا بقيام جماعة متعددين به ولا يكفي فيه أن يتصدى له فرد واحد، وجب على الجماعة أن يجتمعوا ويدعو بعضهم بعضا إلى ذلك، فيأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر متعاونين بينهم متآزرين على امتثال التكليف به، سواء كان المعروف الذي يأمرون به والمنكر الذي ينهون عنه من فعل شخص واحد، فلا يأتمر ذلك