على المقدار اللازم له في أداء الواجب، فلا يلجأ إلى الأشد إذا كان ما هو أخف نافعا ومؤديا للمقصود، ولا ينتقل إلى المرتبة الثانية إذا كان الإنكار في القلب على الوجه المذكور كافيا.
(المرتبة الثانية): أن ينكر الآمر عليه تركه للواجب أو فعله للمحرم، ويكون إنكاره عليه بلسانه، وللإنكار باللسان أيضا درجات مختلفة، من التعريض بالقول، والكلمة الظاهرة في المعنى المراد، والكلمة الصريحة به، واللين والشدة، والكلمة المؤنبة، والموبخة والمزعجة إذا احتاج إليها، وعلى الآمر أن يعالج الداء بمقدار ما يحتاج إليه من الدواء، على النهج الذي ذكرناه في المرتبة الأولى وليس له أن ينتقل إلى المرتبة الثالثة إذا كان الإنكار باللسان مجديا.
(المرتبة الثالثة): أن ينكر المكلف الآمر عليه فعله أو تركه بيده، من لكز، ودفع خارجي وضرب خفيف أو مؤلم وشبه ذلك، ولا ينتقل إلى الشديد أو إلى الأشد إلا بمقدار الضرورة والحاجة.
ولا يحق له أن يقتل أو يجرح، أو يشل، أو يكسر عضوا من أعضائه، أو يعيب جارحة من جوارحه، أو يعطل حاسة من حواسه أو جهازا من أجهزة بدنه، فإن أمر ذلك يختص بالإمام المعصوم (ع) أو نائبه الخاص.
[المسألة 18:] يجب على المؤمن إذا رأى من يترك فعل الواجب أو من يرتكب المنكر المحرم أن ينكر ذلك بقلبه، سواء استطاع أن يظهر انكاره القلبي فيأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ببعض المراتب التي ذكرناها أم لم يستطع أن يفعل شيئا، وهذا المقدار من الإنكار في القلب واجب على المؤمن في جميع الحالات وهو من لوازم الإيمان واتباع الحق، وإن لم يكن أمرا بمعروف ولا نهيا عن منكر، ويكفي عنهما مع القدرة عليهما.
[المسألة 19:] من المنكر المحرم على الإنسان أن يتهتك في دينه فلا يبالي أخطأ أم أصاب في فعله، ووافق حكم الشرع أم خالفه في عمله، فيجب على المكلفين العارفين بحاله نهيه عن هذا المنكر وزجره عن اقترافه، ومن المنكر أن يأتي بالشئ متجرئا، فيفعل الفعل وهو يعتقد حرمته عليه في الدين، فيستحق العقاب بجرأته وإن كان الفعل الذي أتى به غير محرم عليه في واقع الأمر.