[المسألة التاسعة:] يشترط في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (خامسا): أن يأمن القائم بهما من دخول الضرر عليه في نفسه أو في ماله أو في عرضه، أو على بعض المسلمين الآخرين الذين تحترم في الإسلام نفوسهم وأعراضهم وأموالهم، فإذا علم الرجل بأن أمره بالمعروف أو نهيه عن المنكر، يوجب الضرر كذلك، أو ظن بوقوعه، أو احتمله احتمالا يوجب له الخوف من وقوعه سقط عنه التكليف به ولم يأثم بتركه، وكذلك إذا لزم منه العسر والحرج الشديد.
[المسألة العاشرة:] إذا علم المكلف بأن أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر يوجب له ضررا في نفسه أو في ماله كما ذكرنا، وعلم أيضا إن أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر يؤثران أثرهما المطلوب وإن دخل عليه الضرر بسببهما، وجب عليه أن يقدم ما هو أكثر جدوى لدين الله من الأمرين المذكورين وأشد أهمية في موازين الشريعة، فإن كان دفع الضرر عن نفسه وماله أهم في حكم الشرع من تأثير أمره ونهيه في الشخص المأمور، سقط عنه وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لذلك الشخص ولم يأثم بتركهما، بل ولزمه أن يدفع الضرر عن نفسه بتركهما، وإن كان تأثير أمره ونهيه في ذلك الشخص أكثر فائدة وجدوى للإسلام، وجب عليه أن يأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر وإن أوجب ذلك الضرر الشديد، وكان ذلك من الجهاد في سبيل الله، وليس من مجرد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي تأريخ الإسلام أمثلة معروفة ومشهورة لذلك.
[المسألة 11:] وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نوعان من التكليف، ولذلك فلا يتوجهان إلى غير المكلف من الناس، فلا يجبان على الصبي غير البالغ، ولا على المجنون غير العاقل، وإن كانا عارفين ببعض مواردهما، ولا يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر غير المكلف من صبي أو مجنون.
وإنما يؤمر الصبي غير البالغ بالعبادات الشرعية ليتمرن عليها قبل بلوغه، أو ليحصل منه بعض مراتب الطاعة، وعباداته وإن كانت شرعية على القول الأصح، فهي مندوبة وليست واجبة، وإنما يمنع عن المحرمات لئلا يعتاد على فعلها ويتساهل في أمرها، وهذا غير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.