الذي يراد نهيه وأنه يرتكب ما يحرم عليه، فيجب على المكلف الأمر والنهي في الموردين. وإذا قام بعض المكلفين بالأمر والنهي، وكان قيامه يفي بالغرض المقصود من تشريعهما، فيتحقق به حصول الواجب من الشخص المأمور، ويحصل ترك المحرم من الفرد المنهي عنه، كفى ذلك في حصول الامتثال، وسقط وجوب الأمر والنهي عن المكلفين الآخرين، فلا إثم عليهم ولا عقاب إذا لم يأمروا ولم ينهوا.
وإذا ترك جميعهم الأمر والنهي أثم الجميع واستحقوا بتركهم العقاب، وهذا هو ما يقتضيه الجمع بين الأدلة الواردة في المسألة.
[المسألة الخامسة:] يشترط في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الشخص (أولا):
أن يكون عالما بالمعروف الذي يأمر به وعالما بالمنكر الذي ينهى عنه، فلا يجب عليه الأمر أو النهي إذا كان جاهلا لا يعلم بحكم ما يأمر به أو ينهى عنه، ويكفي في حصول هذا الشرط أن يكون المكلف عالما بالحكم بحسب اجتهاده أو تقليده إذا كانا صحيحين، فيجب عليه الأمر بما يعلم بأنه واجب بمقتضى تقليده الصحيح ويجب عليه النهي عما يعلم بأنه محرم كذلك، بل ويجب الأمر بالمعروف إذا علم على وجه الإجمال بأن الشخص قد ترك أحد شيئين واجبين عليه في الشريعة، ويجب عليه النهي عن المنكر إذا علم بأن الشخص فعل أحد شيئين يحرم فعلهما وإن لم يعلم به على وجه التعيين، وسيأتي بيان الحكم في ما إذا كان الشخص الذي يأمره أو ينهاه مخالفا له في الاجتهاد أو التقليد.
[المسألة السادسة:] يشترط (ثانيا) في وجوب الأمر والنهي على المكلف: أن يقطع أو يحتمل على الأقل بأن أمره ونهيه يؤثران في الشخص المأمور، فيفعل الواجب الذي يأمره به ويرتدع عن المحرم الذي ينهاه عنه، فإذا علم أو اطمأن بأن أمره ونهيه لا يؤثران في الفاعل شيئا، فالظاهر سقوط الوجوب عنه، فإذا ترك الأمر والنهي في هذه الصورة لم يأثم بتركهما، ويجوز له أن يأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر في هذه الصورة، وإن علم بعدم الأثر لقوله إذا لم تترتب عليه مفسدة أخرى، ومن أمثلة وجود المفسدة: أن يتمادى الرجل في غيه بسبب الأمر والنهي فيترك واجبا