[كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر] وهما السبيل الذي يسره الله لعباده، وأمر أنبياءه ورسله أن يتخذوه نهجا في دعوتهم إلى الحق، وتبيين معارفه للناس ونشر كلمات الله وأديانه التي أنزلها لهدايتهم، فيبينوا للناس معالم الرشد، ويأمروهم باتباعه، ويوضحوا لهم مراسم الغي وينهوهم عن اقتفائه، وأن يأمروا حفظة الدين من أتباعهم بأن يلتزموا هذا السبيل ويسيروا على هذا الهدي في ما يقولون وما يعملون، فيأمرون الناس بالمعروف وينهونهم عن المنكر ويعلنون كلمة الله كما أمر ويتبعون نهجه كما شرع.
وقد ورد في الكتاب الكريم وفي أحاديث الرسول (صلى الله عليه وآله) وأخبار المعصومين من عترته أهل بيته (ع) ما يوضح ذلك، وقد قال الإمام أبو جعفر محمد بن علي الباقر (ع): (إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء ومنهاج الصلحاء، فريضة عظيمة بها تقام الفرائض وتأمن المذاهب وتحل المكاسب وترد المظالم وتعمر الأرض وينتصف من الأعداء ويستقيم الأمر).
وقد أثنى الله سبحانه في كتابه على طائفة من اتباع الأنبياء وحفظة الأديان المتقدمة بالتزامهم هذه القاعدة فقال فيهم: (ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون، يؤمنون بالله واليوم الآخر، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين)، وقال في ذم طائفة أخرى منهم سارت على العكس من ذلك، فاستحقت المقت من الله واللعنة الشديدة من أنبياء الله: (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى بن مريم، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون، كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه، لبئس ما كانوا يفعلون).
ومن الناس من تنقلب عنده الموازين الصحيحة، وتكون له موازين أخرى تتقلب مع الهوى، وتسير في ظل الباطل، والكتاب الكريم يسمي هؤلاء بالمنافقين، لاندفاعهم مع الغايات الدنيئة، وإن كانوا قد ينتسبون إلى بعض الأديان، فيقول عنهم: (المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف، ويقبضون أيديهم، نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون).
وكتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يحتوي على ثلاثة فصول.