التكسب تكاسلا، ولكنه إذا ترك التكسب متكاسلا في أول الأمر، فعجز عنه بعد ذلك وأصبح غير قادر عليه بالفعل، جاز له أن يأخذها، ومثال ذلك: أن يكون لكسبه وقت مخصوص فيتكاسل عنه حتى يخرج وقته، فيصبح بعد الوقت عاجزا عن المؤونة وعن التكسب لها، فيجوز له أخذ الزكاة بعد عجزه وافتقاره وإن كان عاصيا بترك التكسب في وقته.
[المسألة 134:] إذا كان الرجل مالكا لضيعة أو عقار لا يكفيه حاصلهما لمؤونته فهو فقير بالفعل، فيجوز له أخذ الزكاة، ولا يجب عليه أن يبيع ضيعته أو عقاره ويصرف ثمنهما في المؤونة، وإن كان الثمن لو باعهما كافيا لحاجته، وكذلك الحكم في صاحب الحرفة والصنعة إذا قصر نتاجها عن مقدار كفايته وكانت أثمان الآلات والأدوات التي يستخدمها في صنعته وافية بمؤونته، فيجوز له أخذ مؤونته من الزكاة ولا يجب عليه بيع الآلات والتعيش بأثمانها.
ونظيره مالك رأس المال إذا كان الربح الذي يدر عليه من رأس ماله لا يفي بمؤونته وكان صرف رأس المال وافيا بها، فيجوز له أخذ الزكاة ولا يجب عليه صرف رأس المال في المؤونة.
[المسألة 135:] يجوز لمالك المال أن يدفع للفقير من زكاة ماله ما يزيد على مؤونة سنته التي يحتاج إليها إذا كان الإعطاء له دفعة واحدة، ويجوز للفقير أن يأخذ ذلك منه وتبرأ ذمة المالك بذلك من الحق الواجب عليه، وبحكمه الكاسب الذي يقصر كسبه عن الوفاء بمؤونته، بل والتاجر الذي يقصر ربحه عن الوفاء بمقدار حاجته وأمثالهما، فيجوز لمالك المال أن يدفع إليهم من الزكاة أكثر من مؤونة السنة إذا كان الإعطاء لهم دفعة واحدة.
وإذا أعطي الفقير أو أحد المستحقين المذكورين من الزكاة دفعات متعددة حتى ملك مقدار مؤونة السنة له ولمن يعول به لم يجز أن يعطى من الزكاة شيئا بعد ذلك، ولا تبرأ ذمة المالك بدفع الزائد ولا يجوز للمستحق في هذه الصورة أن يأخذ من الزكاة شيئا حتى ينقص ما بيده عن مؤونة سنته.
[المسألة 136:] مؤونة السنة التي ذكرناها وقلنا أن المدار في الحكم بالغنى والفقر عليها، هي