قاعدة القرعة - حسين كريمي - الصفحة ٥٧
للنص الوارد في تلك المسألة.
ويؤيد بل يدل على ما ذكرنا ما دل على أن أصل القرعة من الكتاب، لأنه ليس المراد دلالة الكتاب على شرعية القرعة، لأنه لم يرد فيه كما عرفت إلا حكاية المساهمة في موردين، والحكاية أعم، بل المراد دلالة الكتاب على وجود هذا الأمر وثبوته بين العقلاء، فلا بد في تشخيص مورده ومجراه من الرجوع إليهم كما لا يخفى.
وأما قولهم في مطاوي كتبهم الفقهية: " القرعة لكل أمر مجهول أو مشتبه " فالظاهر أن المراد بالأمر فيه هو الأمر الذي يرجع إلى الحاكم، على ما يشهد به استعمال هذه الكلمة في باب القضاء، فإنه حيثما يطلق في كتاب القضاء لا يراد منه إلا ذلك، كلفظ الحكم المعبر به في ذلك الكتاب، ومن هنا يظهر سر تقييد الحلي في السرائر (1) مورد القرعة بما إذا كان الأمر المجهول مشتبه الحكم، فإن مراده من الأمر المجهول هو الأمر الذي يرجع إلى الحاكم، ومن الحكم المشتبه هو الحكم الذي هو وظيفة القاضي لا الحكم الشرعي الكلي (2).

(١) السرائر: ٢ / ١٧٣.
(٢) بعد وجود ما يدل على أن " القرعة لكل أمر مجهول " وقولهم: " القرعة لكل أمر مشكل "، ولأن القرعة سنة وموردها المعضلات، لا يضر بشمولها لغير مورد الدعاوى وتزاحم الحقوق مجرد ورودها في الموارد الخاصة بالدعاوي، فالأقوى شمولها لكل مجهول ومعضل ولو غير تزاحم الحقوق، وذلك لوجود العموم والإطلاق.
نعم لا بد من صدق الجهل بجميع الجهات والأشكال من جميع الأبعاد، بأن لم يكن طريق شرعي لرفع التحير، وعليه يخرج عن نطاق أدلتها موارد الأخبار والطرق المعتبرة، كما يخرج عنه موارد قيام البينة والأمارات المعتبرة القائمة على الموضوعات المشتبهة، وهكذا مورد الاستصحاب وأدلة البراءة الشرعية، وهكذا يخرج عن نطاق أدلتها موارد العلم الإجمالي المحكومة بالاحتياط شرعا، إذا لم يكن فيه ضرر وحرج، وأما في صورة الضرر والحرج فالحق شمول أدلتها، وعلى هذا كان الغنم الموطوءة على طبق القاعدة، لوجود ضرر عظيم في الأخذ بالاحتياط، وأما موارد التخيير العقلي بأن يدور الأمر بين المحذورين، فالحق جريانها ولو كانت الشبهة حكمية، كما أمر الوالد بالسفر والوالدة بالمقام والحضر، ولم يدل دليل على ترجيح أمر أحدهما، فيقرع بينهما.
وأما القول بلزوم اتباع الأصحاب في العمل بها فهو ناشئ عن تخيل تخصيصات كثيرة، وهو مردود بما عرفت في تعريفها، وحصر موردها في ا لتحير من جميع الجهات، والجهل بالحكم الشرعي ولو في الظاهر. وعليه يكون الخروج في الأكثر تخصصا.
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 9
2 الباب الأول: وفيه أمور نافعة 1 - تعريف قاعدة " القرعة " 11
3 2 - القرعة مشروعة في الأديان السابقة 13
4 3 - عدم الاحتياج إلى الحقيقة الشرعية 17
5 4 - القرعة في المذاهب الأربعة 17
6 5 - مسلكنا في نقل آراء العامة ورواياتهم 19
7 6 - كلام لصاحب العناوين حول عمل الفقهاء بالقرعة واستقصاء مواردها 20
8 7 - أقوال فقهائنا الإمامية (قدس سرهم) 22
9 مختار الشهيد الثاني 24
10 مختار المحقق الأنصاري 25
11 مختار صاحب الكفاية 26
12 مختار المحقق النائيني 26
13 مختار سيد مشايخنا الخوئي 27
14 مختار سيد الأحرار ومحقق الأبرار الإمام الراحل 27
15 مختار شيخنا الحائري 28
16 8 - تدوين كتب القواعد الفقهية في مذهب الإمامية 28
17 9 - نظرة إجمالية حول الروايات الواردة في القرعة 31
18 10 - ما ورد في الروايات من العناوين الكلية 32
19 11 - حول حديث " القرعة لكل أمر مشكل " 34
20 12 - روايات القرعة في صحيح البخاري 36
21 13 - روايات القرعة في مسند أحمد بن حنبل 37
22 14 - فهرس روايات القرعة في كتاب وسائل الشيعة 37
23 الباب الثاني: قاعدة القرعة بقلم آية الله العظمى الفاضل اللنكراني مع تذييلات منا المقام الأول: في مدركها ومستندها 41
24 المقام الثاني: في بيان مقدار دلالة الأدلة الواردة في مشروعيتها 54
25 المقام الثالث: في أن القرعة هل تكون أمارة أو أصلا؟ 61
26 المقام الرابع: في تعارض القرعة مع الاستصحاب 65
27 المقام الخامس: في أن القرعة هل هي وظيفة الإمام أو يعمل بها كل أحد 68
28 المقام السادس: الظاهر أنه ليس للقرعة كيفية خاصة 71
29 المقام السابع: اعتبار تفويض الأمر إلى الله تعالى في صحة القرعة 72
30 الباب الثالث: في التنبيهات النافعة التنبيه الأول: هل القرعة عزيمة أو رخصة؟ 75
31 التنبيه الثاني: في بيان لزوم العمل بالقرعة وعدمه 76
32 التنبيه الثالث: " العدل والإنصاف " هل هي قاعدة؟ 77
33 التنبيه الرابع: في الاستخارة 79
34 استخارة ذات الرقاع 79
35 الاستخارة بالقرآن 81
36 التنبيه الخامس: حول الدفاع عن المحقق الأردبيلي 81
37 التنبيه السادس: ذكر آراء العامة من " الموسوعة الفقهية الكويتية " 83
38 التعريف 83
39 الألفاظ ذات الصلة 83
40 القسمة 83
41 الحكم التكليفي 84
42 الحكمة من مشروعيتها 85
43 كيفية إجراء القرعة 86
44 ما تجرى فيه القرعة 86
45 ما لا تجرى فيه القرعة 87
46 إجبار الشركاء على قسمة القرعة 88
47 القرعة في معرفة الأحق بغسل الميت 89
48 القرعة في تقديم الأحق بالإمامة في الصلوات وصلاة الجنازة 89
49 القرعة بين الزوجات في السفر 89
50 القرعة بين الزوجات في ابتداء المبيت 90
51 القرعة في الطلاق 91
52 القرعة في الحضانة 92
53 القرعة في الموصى بعتقهم 92
54 القرعة في العطاء والغنيمة 93
55 القرعة عند تعارض البينتين 93
56 البداءة بالقرعة عند التحالف 96
57 استعمال القرعة في إثبات نسب اللقيط 97
58 استعمال القرعة في إثبات أحقية حضانة اللقيط 98
59 القرعة عند تنازع أولياء الدماء على استيفاء القصاص 98
60 القرعة في المسابقة 99
61 الحاجة إلى القرعة في التبدئة بالشرب 99
62 التنبيه السابع: في نظرات أبي حنيفة حول القرعة وغيرها 101
63 التنبيه الثامن: أصناف المجتهدين من العامة 103
64 أصحاب الحديث 103
65 أصحاب الرأي 103
66 التنبيه التاسع: مختار الشيخ الطوسي وصاحب الوسائل في تعارض البينات 105
67 التنبيه العاشر: مختار العلامة المجلسي في تعارض البينات 107
68 التنبيه الحادي عشر: كلام لابن إدريس 107
69 التنبيه الثاني عشر: فيما ذكره ابن طاووس 109
70 التنبيه الثالث عشر: في نتائج الأبحاث 116
71 التنبيه الرابع عشر: في بعض الفروع المهمة 117
72 التنبيه الخامس عشر: النقد العلمي لكلام ابن إدريس الحلي 118
73 ما يرد على صاحب كتاب القرعة والاستخارة 123
74 الفرق بين القرعة وبين الاستقسام بالأزلام 124
75 فهرس أهم المصادر 125