زماننا هذا أيضا - بأن يقال: إن الرواية الدالة على ثبوت القرعة في المورد المفروض مشعرة بكون هذا المورد أيضا من موارد تزاحم الحقوق، لأنه قد عبر فيها بعد الحكم بالقرعة واستخراج الموطوءة بها، بأنه قد نجت سائرها، فإن نجاة السائر إنما هي مع التزاحم كما لا يخفى (1).
نعم لا بد من ملاحظة الطائفة الأولى الدالة بظاهرها على أن كل مجهول ففيه القرعة، ونقول: إن عمدة ما يمكن أن يكون مستندا للعموم هي رواية محمد بن حكيم المتقدمة (2)، وحيث إن السؤال فيها ناقص، ضرورة أن السؤال عن الشئ لا ينطبق عليه الجواب (3) بثبوت القرعة لكل أمر مجهول، بل نفس هذا السؤال لا يكاد يصدر من عاقل، فهذا يكشف عن أن السؤال كان عن أمر لم ينقل لنا، وحينئذ يبقى احتمال أنه لو كان السؤال مذكورا لنا، لكان من الممكن أن يكون قرينة على عدم شمول الجواب لجميع الموارد، هذا مع أنه لو أغمض النظر عن ذلك نقول: قد عرفت أن القرعة ليست أمرا شرعيا اخترعه الشارع، بل كانت معمولا بها عند العقلاء قبل الشرع