وإن هي إلا جارية مجرى كلام الملاكين للفلاحين في العرف العام عند تحريضهم على تعمير الملك: من عمرها أو حفر أنهارها وكرى سواقيها فهي له، الدالة على أحقيته من غيره تقدمه على من سواه، لاعلى نفي الملكية من نفسه وسلب المالكية عن شخصه.
فالحصة الراجعة إلى الملاك المعبر عنها بالملاكة مستحقة له غير منفية عنه وإن أضاف الملك إليهم عند الترخيص والإذن العمومي غير أن الشيعة محللون بالنسبة إلى ما يرجع إلى الإمام مما يستحقه من أجرة المثل أو حصة الملاكة. " (1) وفيه أيضا:
" ويحتمل قويا عندي كما تقدم بل هو الأقوى: أن الإحياء في الموات التي هي للإمام (عليه السلام) لا يكون سببا لملك المحيي وخروج الرقبة عن ملك الإمام ولا يوجب إلا أحقية المحيي بها وأولويته من غيره بالتصرف فيها، فتكون اللام في عمومات الإحياء لمجرد الاختصاص بقرينة ما دل على دفع خراجها للإمام (عليه السلام) في صحيحة الكابلي، وإن كنا لا نقول به في زمان الغيبة لأخبار الإباحة والتحليل للشيعة المستفاد منها كونها لهم بلا أجرة عليهم. " (2) أقول: فهذا العالم المحقق أيضا قد أفتى بمضمون الصحاح المتقدمة. وقد مر منا أن عمدة نظر أئمتنا (عليهم السلام) في أخبار التحليل كان إلى تسهيل الأمر لشيعتهم في زمان الاختناق وعدم انعقاد الحكومة الصالحة. فلو فرض في عصر الغيبة أيضا انعقاد الحكومة الحقة الصالحة بشرائطها كان لها تحديد التصرف وأخذ الطسق والأجرة أيضا.
وقال السيد الشهيد آية الله الصدر - طاب ثراه - بعد نقل فتوى المشهور في المقام:
" وهنا رأي فقهي آخر يبدو أكثر انسجاما مع النصوص التشريعية، يقول: إن عملية الإحياء لا تغير من شكل ملكية الأرض، بل تظل الأرض ملكا للإمام أو لمنصب الإمامة، ولا يسمح للفرد بتملك رقبتها وإن أحياها، وإنما يكتسب بالإحياء حقا في الأرض دون مستوى الملكية، ويخول له بموجب هذا الحق استثمار الأرض