وأما في صورة الشك وعدم تبين الحال، فهل لا تقبل منهم الجزية، أو تقبل الحاقا لهم بأهل الذمة، احتمالان.
وجه الأول: العمومات الآمرة بقتل المشركين مثل قوله تعالى: فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب (1) وقوله سبحانه: فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم (2)، المقتصر في الخروج منها على اليهود والنصارى والمجوس للدليل، وأما غيرهم فيبقى تحت العموم.
أو أن الكفر مقتض لجواز القتل، وكونهم من أهل الكتاب مع اعطاء الجزية مانع من ذلك، فمع الشك في وجود المانع، يؤثر المقتضي أثره.
أو لأنه قبل صيرورته مميزا لم يكن كتابيا، فيستصحب ذلك، أو لاستصحاب العدم الأزلي، نظير استصحاب عدم كون المرأة قرشية قبل ولادتها.
ووجه الثاني: عدم جواز التمسك بالعام في المقام، لأنه من قبيل التمسك به في الشبهة المصداقية للمخصص اللفظي لأن المفروض احتمال كونهم من أهل الكتاب، وهو ممنوع كما قرر في الأصول.
لا يقال: ترجع الشبهة إلى أن المقصود بالكتاب في أدلة الجزية، هل هو مطلق الكتاب السماوي حتى ما اشتمل على مواعظ فقط، أو أن المراد به خصوص ما اشتمل على دين جديد وشريعة حديثة.
فإنه يقال: هذا يبتني على ثبوت كتاب سماوي لهم، وهو أول الكلام كما عرفت في المقام الأول.
ولمنع قاعدة المقتضي والمانع، كما قرر في الأصول، ومنع الاستصحاب الأزلي لأن قولنا: إن هذا الصابي لم يكن موجودا في زمان، أو لم يكن مميزا في وقت، فلم يكن كتابيا، والأصل بقاء ذلك بعد صيرورته مميزا، من قبيل استصحاب السالبة بانتفاء الموضوع واثبات السالبة بانتفاء المحمول، وهو من مصاديق