وأما الفرض الثاني، أعني ما إذا انتقل أحد من سائر الكفار إلى دين أهل الكتاب، كما إذا صار وثني يهوديا، فالظاهر أيضا شمول حكم أهل الكتاب له لاطلاق الآية والروايات، وعدم قصور العناوين المتخذة فيها لشموله.
نعم قال الشيخ: (وأما من كان من عبدة الأوثان فدخل في دينهم فلا يخلو أن يدخل في دينهم قبل نسخ شرعهم أو بعده، فإن كان قبل نسخ شرعهم أقروا عليه، وإن كان بعد نسخ شرعهم لم يقروا عليه، لقوله عليه السلام: " من بدل دينه فاقتلوه " (1).
وقال في التذكرة: (تؤخذ الجزية ممن دخل في دينهم من الكفار إن كانوا قد دخلوا فيه قبل النسخ والتبديل ومن نسله وذراريه، ويقرون بالجزية ولو ولدوا بعد النسخ. ولو دخلوا في دينهم بعد النسخ فلم يقبل منهم إلا الإسلام ولا تؤخذ منهم الجزية عند علمائنا، وبه قال الشافعي، لقوله عليه السلام: " من بدل دينه فاقتلوه " (2).
أقول: يقوى في الذهن انصراف هذه الرواية إلى المسلم، إذا بدل دينه وارتد فلا يشمل الكافر إذا بدل كفره إلى كفر آخر خصوصا بعد ما اشتهر بينهم من أن (الكفر كالملة الواحدة).
والحاصل إني لا أجد مانعا من قبول الجزية من هذه الطائفة بعد ثبوت المقتضي أعني اطلاق الآية والروايات، وعدم احراز المانع. على أن ذلك موافق للاحتياط في حفظ الدماء.
ومع ذلك كله، فللتوقف مجال، وذلك لخبر الأسياف الذي حاصله:
(أن أسياف النبي صلى الله عليه وآله خمسة، ثلاثة منها شاهرة فلا تغمد حتى تضع الحرب أوزارها، وسيف منها مكفوف (ملفوف)، وسيف منها مغمود سله إلى غيرنا وحكمه إلينا.
فأما السيوف الثلاثة المشهورة (الشاهرة)، فسيف على مشركي العرب، فهؤلاء لا يقبل منهم إلا القتل أو الدخول في الإسلام، والسيف الثاني على أهل