وقد أخذوا منهم الجزية، فذهب به إلى القصر فخرج علي رضي الله عنه عليهما. وقال البدا فجلسا في ظل القصر. فقال علي رضي الله عنه: أنا أعلم الناس بالمجوس، كان لهم علم يعلمونه وكتاب يدرسونه، وأن ملكهم سكر، فوقع على ابنته أو أخته فاطلع عليه بعض أهل مملكته، فلما صحا جاءوا يقيمون عليه الحد. فامتنع منهم، فدعا أهل مملكته فلما أتوه قال: تعلمون دينا خيرا من دين آدم وقد كان ينكح بنيه من بناته وأنا على دين آدم، ما يرغب بكم عن دينه قال فبايعوه وقاتلوا الذين خالفوهم حتى قتلوهم فأصبحوا وقد أسري على كتابهم فرفع من بين أظهرهم وذهب العلم الذي في صدورهم فهم أهل كتاب. وقد أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وأبو بكر و عمر منهم الجزية) (1).
وروى ابن عبيدة: لم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف إن رسول الله صلى الله عليه وآله أخذها من مجوس هجر (2).
وروى الشافعي بسنده عن ابن شهاب أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وآله أخذ الجزية من مجوس البحرين، وإن عثمان بن عفان أخذها من البربر (3).
وفي كتاب (الأموال) لأبي عبيد: عن الحسن بن محمد قال: كتب رسول الله صلى الله عليه وآله إلى مجوس هجر، يدعوهم إلى الإسلام، فمن أسلم قبل منه، ومن لا، ضربت عليه الجزية... (4).
وفيه أيضا عن عروة بن الزبير قال: كتب رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المنذر بن ساوى: (سلام أنت، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد ذلك فإن من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة الرسول. فمن أحب ذلك من المجوس، فإنه آمن، ومن أبى فإن الجزية عليه " (5).