الجزية وأحكامها - علي أكبر الكلانتري - الصفحة ٤٤
الجسم الجسد وفي التهذيب ما يوافقه. قال: (الجسم مجمع البدن وأعضاؤه من الناس والإبل والدواب ونحو ذلك مما عظم من الخلق الجسيم) واليهود لا يقولون بأن الإله جسم بشئ من هذه المعاني. وتعريفه للجسم بما ذكره غير صحيح لغة ولا اصطلاحا، والإله في اللغة المعبود، واليهود لا تنكر وجود المعبود، والله هو الرب الخالق لكل شئ، واليهود يثبتون هذا...) (1).
وقد أجاب العلامة الطباطبائي قدس سره عنها بجواب متين يبتني على طريقته في التفسير، وهو تفسير القرآن بالقرآن، وهاك نص عبارته: (إنه تعالى لم يفرق في كلامه بين الايمان به والايمان باليوم الآخر فالكفر بأحد الأمرين كفر بالله والكفر بالله كفر بالأمرين جميعا، وحكم فيمن فرق بين الله ورسله، فآمن ببعض دون بعض، إنه كافر كما قال: إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا واعتدنا للكافرين عذابا مهينا (2).
فعد أهل الكتاب ممن لا يؤمن بنبوة محمد صلى الله عليه وآله كفارا حقا وإن كان عندهم ايمان بالله واليوم الأخر، لا بلسان أنهم كفروا بآية من آيات الله وهي آية النبوة بل بلسان أنهم كفروا بالايمان بالله، فلم يؤمنوا بالله واليوم الآخر، كما أن المشركين أرباب الأصنام، كافرون بالله إذ لم يوحدوه وإن أثبتوا إلها فوق الآلهة.
على أنهم يقررون أمر المبدء والمعاد تقريرا لا يوافق الحق بوجه كقولهم بأن المسيح ابن الله وعزيرا ابن الله، يضاهؤون في ذلك قول الذين كفروا من أرباب الأصنام والأوثان: أن من هو إله أب إله ومن هو إله ابن إله. وقول اليهود في المعاد بالكرامة وقول النصارى بالتفدية.
فالظاهر أن نفي الايمان بالله واليوم الآخر عن أهل الكتاب إنما هو لكونهم لا يرون ما هو الحق من أمر التوحيد والمعاد وإن أثبتوا أصل القول بالألوهية. لا لأن

(1) المنار ج 10 ص 334 - 335.
(2) النساء / 151.
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الاهداء 5
2 شكر وثناء 6
3 تقديم بقلم الأستاذ الشيخ جعفر السبحاني 7
4 (الفصل الأول) (ما هي الجزية؟) الجزية لغة واصطلاحا 11
5 مجمل من تاريخ الجزية 15
6 الفرق بين الجزية والخراج 18
7 فلسفة تشريع الجزية 20
8 المستشرقون ونظام الجزية 33
9 تفسير آية الجزية 41
10 (الفصل الثاني) (في من تؤخذ منه الجزية) اليهود والنصارى 52
11 حكم المجوس 55
12 حكم من تهود أو تنصر أو تمجس بعد ظهور الإسلام 60
13 حكم الصابئين 64
14 حكم سائر الكفار 76
15 كفار العرب ومسألة الجزية 88
16 مسألة بني تغلب 91
17 من ادعى أنه من أهل الكتاب 94
18 (الفصل الثالث) (في من تسقط عنه الجزية) حكم النساء والصبيان والمجانين 96
19 حكم المجنون غير المطبق 101
20 حكم العبيد 103
21 حكم الأعمى والشيخ الفاني والمقعد 105
22 حكم الفقير 108
23 حكم الرهبان وأصحاب الصوامع 110
24 حكم ما إذا أسلم الذمي 112
25 حكم ما إذا مات الذمي 116
26 حكم صبيان أهل الذمة بعد بلوغهم 118
27 (الفصل الرابع) (في كمية الجزية وكيفية وضعها) كمية الجزية 123
28 كيفية وضع الجزية 133
29 (الفصل الخامس) (في مصرف الجزية) مصرف الجزية مصرف الغنيمة 138
30 (الفصل السادس) (نظام الجزية في عصرنا) نظام الجزية والأقليات الدينية 144
31 نظام الجزية والعلاقات الخارجية مع الأمم غير المسلمة 146
32 (الفصل السابع) (بحوث متفرقة حول الجزية) زمان أخذ الجزية 150
33 جواز أخذ الجزية من ثمن الخمور والخنازير وغيرهما 151
34 جواز اشتراط الضيافة على أهل الذمة 154
35 لا يؤخذ من أهل الذمة سوى الجزية وما اشترط عليهم في عقد الذمة شئ آخر 161
36 حرمة إيذاء أهل الذمة وإهانتهم واستحباب الرفق بهم عند جباية الجزية 164
37 إشارة إجمالية إلى شرائط الذمة 171
38 (فهرس المصادر) المصادر العربية 182
39 المصادر الفارسية 188
40 المصدر الإفرنجي 188