الجسم الجسد وفي التهذيب ما يوافقه. قال: (الجسم مجمع البدن وأعضاؤه من الناس والإبل والدواب ونحو ذلك مما عظم من الخلق الجسيم) واليهود لا يقولون بأن الإله جسم بشئ من هذه المعاني. وتعريفه للجسم بما ذكره غير صحيح لغة ولا اصطلاحا، والإله في اللغة المعبود، واليهود لا تنكر وجود المعبود، والله هو الرب الخالق لكل شئ، واليهود يثبتون هذا...) (1).
وقد أجاب العلامة الطباطبائي قدس سره عنها بجواب متين يبتني على طريقته في التفسير، وهو تفسير القرآن بالقرآن، وهاك نص عبارته: (إنه تعالى لم يفرق في كلامه بين الايمان به والايمان باليوم الآخر فالكفر بأحد الأمرين كفر بالله والكفر بالله كفر بالأمرين جميعا، وحكم فيمن فرق بين الله ورسله، فآمن ببعض دون بعض، إنه كافر كما قال: إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا واعتدنا للكافرين عذابا مهينا (2).
فعد أهل الكتاب ممن لا يؤمن بنبوة محمد صلى الله عليه وآله كفارا حقا وإن كان عندهم ايمان بالله واليوم الأخر، لا بلسان أنهم كفروا بآية من آيات الله وهي آية النبوة بل بلسان أنهم كفروا بالايمان بالله، فلم يؤمنوا بالله واليوم الآخر، كما أن المشركين أرباب الأصنام، كافرون بالله إذ لم يوحدوه وإن أثبتوا إلها فوق الآلهة.
على أنهم يقررون أمر المبدء والمعاد تقريرا لا يوافق الحق بوجه كقولهم بأن المسيح ابن الله وعزيرا ابن الله، يضاهؤون في ذلك قول الذين كفروا من أرباب الأصنام والأوثان: أن من هو إله أب إله ومن هو إله ابن إله. وقول اليهود في المعاد بالكرامة وقول النصارى بالتفدية.
فالظاهر أن نفي الايمان بالله واليوم الآخر عن أهل الكتاب إنما هو لكونهم لا يرون ما هو الحق من أمر التوحيد والمعاد وإن أثبتوا أصل القول بالألوهية. لا لأن