ومن هذا الصنف أيضا بكر (Becker) الذي أيد نظرية ولها وزن بقوله:
(الروايات العربية ليس أكثرها خال عن التعصب وهي تنسب النظامات الحديثة إلى صدر الإسلام) (1).
ومنهم، لئون كايتاني (Leone caetani)، قال في كتابه (Annali dell Islam) ما حاصله:
(لا يصح الاعتماد على مصادر المسلمين ومنابعهم لأن مؤلفيها وهم فقهاء القرون الأولى وطلبة العلم، تعمدوا في تحريف الأصول والنظامات التي وصلت إليهم من صدر الإسلام وسعوا في تطبيقها على آرائهم، وتلك الآراء لم تكن توافق الوقايع الحادثة في زمن النبي وخلفائه، بل كانت نتيجة لمباحثاتهم المدرسية وملاحظاتهم العلمية، هؤلاء اتخذوا من نصوص القرآن وسيرة النبي ما وافق آرائهم وعقائدهم وردوا غيرها) (2).
ومنهم، (ادولف گروهمان)، الذي قال في أثره (Zum Steuerwesen) ما حاصله:
كلمة (الخراج) كان في الابتداء بمعنى ضريبة الأرض، ثم استعمل بمعنى (البأج) وأخيرا استعمل في معنى (الضريبة الأرضية) (3).
هذه كلمات جملة من المستشرقين حول الجزية التي فسادها لا يحتاج إلى مزيد بيان، وردها يظهر مما ذكرنا في وجه تشريع الجزية، ونضيف هنا:
أن اصطلاحي الخراج والجزية لم يستعملا قط في معنى البأج، لأن البأج كما عرفت يطلق على ما تأخذه القدرة الغالبة من القوم المغلوب لمحض ترك قتالهم ومن دون تعهد والتزام لهم والقيام بخدمتهم، وأخذ الجزية والخراج من أهل الذمة لم يكن كذلك كما عرفت تفصيلا.
وأما ما ذكره ولها وزن، من سقوط الحقوق المالية بتمامها عمن كان يسلم، ففسادها أظهر من أن يخفى، أولا، لعدم صحة ذلك بالنسبة إلى الخراج، فإنه كما