ما جبي منهم من الجزية والخراج.
وكتب إليهم أن يقولوا لهم: إنما رددنا عليكم أموالكم لأنه قد بلغني ما جمع لنا من الجموع، وإنكم قد اشترطتم علينا أن نمنعكم وأنا لا نقدر على ذلك وقد رددنا عليكم ما أخذنا منكم ونحن لكم على الشرط وما كان بيننا وبينكم إن نصرنا عليهم، فلما قالوا ذلك لهم وردوا عليهم الأموال التي جبوها منهم قالوا: (ردكم الله علينا ونصركم عليهم).
فلو كانوا هم لم يردوا علينا شيئا وخذوا كل شي بقي حتى لا يدعوا شيئا.
فانظر إلى هذه القضية حتى يتضح لك كمال الوضوح أن الجزية لم تكن تؤخذ منهم عقوبة عليهم أو لاذلالهم واهانتهم، كيف وهم طلبوا من الله تعالى نصر المسلمين وردهم عليهم!!.
ونظير ذلك ما ذكره البلاذري في كتابه (فتوح البلدان):
(حدثني أبو جعفر الدمشقي قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز قال بلغني أنه لما جمع هرقل للمسلمين الجموع، وبلغ المسلمين اقبالهم إليهم لوقعة اليرموك، ردوا على أهل حمص ما كانوا أخذوا منهم من الخراج قالوا:
(قد شغلنا عن نصرتكم والدفع عنكم فأنتم على أمركم. فقال أهل حمص:
لولايتكم وعدلكم أحب إلينا مما كنا فيه من الظلم والغشم، ولندفعن جند هرقل عن المدينة مع عاملكم ونهض اليهود فقالوا: والتوراة لا يدخل عامل هرقل مدينة حمص ألا نغلب ونجهد، فأغلقوا الأبواب وحرسوها، وكذلك فعل أهل المدن التي صولحت من النصارى واليهود، وقالوا: (إن ظهر الروم وأتباعهم على المسلمين صرنا على ما كنا عليه، وإلا فإنا على أمرنا ما بقي للمسلمين عدد) (1).
وقال الأزدي، يذكر اقبال الروم على المسلمين ومسير أبي عبيدة من حمص، ما حاصله: