فقال علماء المالكية: وجبت بدلا عن القتل بسبب الكفر، وقال بعض الحنفية بقولنا، وقال الشافعي: بدلا عن حقن الدم وسكنى الدار، وقال بعضهم - من أهل ما وراء النهر -: إنما وجبت بدلا عن النصرة بالجهاد) (1).
وقال السرخسي - من فقهاء الحنبلية -: (المقصود من الجزية ليس هو المال، بل الدعاء إلى الدين بأحسن الوجوه، لأنه بعقد الذمة يترك القتال أصلا ولا يقاتل من يقاتل، ثم يسكن بين المسلمين، فيرى محاسن الدين ويعظه واعظا فربما يسلم) (2).
وقال الفخر الرازي: (هؤلاء - يعني أهل الذمة - إنما أقروا على دينهم الباطل بأخذ الجزية حرمة لآبائهم الذين انقرضوا على الحق من شريعة التوراة والإنجيل... فربما يتفكرون فيعرفون صدق محمد صلى الله عليه وآله ونبوته، فأمهلوا لهذا المعنى).
وقال أيضا: (ليس المقصود من أخذ الجزية تقريره على الكفر، بل المقصود منها حقن دمه وامهاله مدة، رجاء أنه ربما وقف في هذه المدة على محاسن الإسلام وقوة دلائله، فينتقل من الكفر إلى الايمان) (3).
وقال رشيد رضا في تفسيره: (إن الجزية ما كانت تؤخذ من الذميين إلا للقيام بحمايتهم والمدافعة عنهم، وأن الذميين لو دخلوا في الجند أو تكفلوا أمر الدفاع لعفوا عن الجزية) (4).
وأخيرا قال العلامة الطباطبائي قدس سره ذيل آية الجزية: (إن المتدبر في المقاصد العامة الإسلامية لا يشك في أن قتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية ليس لغرض تمتع أولياء الإسلام ولا المسلمين من متاع الحياة الدنيا واسترسالهم وانهماكهم في الشهوات على حد المترفين من الملوك والرؤساء المسرفين من أقوياء الأمم.
وإنما غرض الدين في ذلك أن يظهر دين الحق وسنة العدل وكلمة التقوى