يوافون به من التجارة (1).
وقد ذكر في تفسيري ابن العربي والقرطبي أيضا نظير ذلك (2).
وظاهر ذلك أنت السبب في تشريع الجزية هو الغرض الاقتصادي والغاية المالية بنيل المسلمين إلى مال يكافئ منفعة التجارة مع المشركين. وقد عرفت ظهور الأدلة في خلاف ذلك، وأن ما يصل بدفع الجزية إلى الذميين من المنافع أكثر مما يصل به إلى المسلمين.
ومما يضعفه أيضا أن قوله سبحانه يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس، نزل في سنة تسع من الهجرة، مع أن الجزية كانت تؤخذ من بعضهم قبل ذلك.
فقد ذكر ابن الأثير من وقائع سنة سبع، أن المنذر بن ساوى والي البحرين لما أتاه العلا بن الحضرمي يدعوه ومن معه بالبحرين إلى الإسلام أو الجزية، وكانت ولاية البحرين للفرس، فأسلم المنذر بن ساوى وأسلم جميع العرب بالبحرين (3).
قوله تعالى: الذين أوتوا الكتاب، هم اليهود والنصارى على ما يتبادر من اللفظ ويستفاد من آيات كثيرة أخرى. وكذا المجوس، على ما يشعر به قوله سبحانه: إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شئ شهيد (4) حيث ذكروا مع اليهود والنصارى في قبال المشركين. ويأتي تفصيل ذلك في الفصل الثاني إن شاء الله.
ثم إن هنا مسألة مهمة، وهي أنهم كيف لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر - على ما نطقت به هذه الآية - مع أنه تعالى يعدهم في غير واحد من الآيات أهل الكتاب، وما هو إلا الكتاب السماوي النازل من عنده سبحانه على رسول من رسله ولازم