هذا كله بالنسبة إلى أصل حكم المسألة، فقد ظهر مما ذكرنا أن الحق فيها هو القول بالجواز.
وأما قدر الضيافة، ففي التذكرة: (يجب أن تكون الضيافة زايدة على أقل ما يجب عليهم من الجزية، وهو أحد قولي الشافعي) (1).
وفي المسالك: (ويجب كونها زائدة على أقل ما يمكن فرضه جزية كدينار مثلا فإنه أقل ما يوضع على الفقير بناء على ما ورد في بعض الأخبار من التقدير، وعلى القول بعدمه تكون الضيافة زائدة على أقل ما تقتضي المصلحة وضعه عليهم من الجزية) (2).
وفي الوسيلة لابن حمزة، والقواعد مثل ذلك (3).
أقول: الضيافة تارة تشترط عليهم مضافة إلى الجزية وأخرى تشترط على أنها نفس الجزية، ولا يخفى أن هذه العبائر ناظرة إلى الصورة الثانية، ولما كان مسلك الأصحاب في كمية الجزية أنه ليس لها حد مقدر، بل تقديرها إلى الإمام، فلازمه ايكال تقدير الضيافة أيضا إلى رأيه ونظره، بل اللازم في الصورة الأولى أيضا ايكال الأمر إلى الإمام لأنها ترجع بالمال إلى تعيين كمية الجزية.
ومن هنا يعلم أنه لا وجه للقول بوجوب كون الضيافة زايدة على أقل ما يجب عليهم من الجزية، وإن وجد ذلك في كلمات كثير من الأصحاب إلا على القول بكون الجزية مقدرة، وهو خلاف مسلكهم كما عرفت.
وأما ما في عبائر الشيخ من أن مقدار الضيافة ثلاثة أيام، فهو للاتكال إلى بعض الأخبار المذكورة آنفا، والأقرب ما ذكرنا من أن تعيين مبلغ الضيافة موكول إلى نظر الإمام، وأما ذكر العدد في تلك الأخبار فلعله لا خصوصية له وكان لمصلحة اقتضت ذلك، مضافا إلى ضعف أكثر تلك الأخبار سندا، وليس في خبر