العسكرية، فالجزية ضريبة مالية كسائر الضرائب، ليس المجتمع الإسلامي في غنى عنها، وقد عرفت أنها ليست عقوبة ولونا من العذاب لأنها تجب بالمعاقدة والتراضي والعقوبات لا تكون كذلك، مضافا إلى أن قدرها قليل جدا بالنسبة إلى ما يجب على المسلمين من الوظائف الشرعية كالزكاة، وهذا القليل أيضا يختلف باليسار والاعسار ويراعى تمكن الذميين في كميتها ويسقط عن أصناف منهم كنسائهم وصبيانهم هذا مع استفادتهم من مزايا الحكومة الإسلامية بلا فرق بينهم وبين المسلمين، فأي عقوبة في ذلك؟
ومن هنا قال العلامة الطباطبائي: (وأما الجزية فهي عطية مالية مأخوذة منهم مصروفة في حفظ ذمتهم وحسن ادارتهم، ولا غنى عن مثلها لحكومة قائمة على ساقها حقة أو باطلة) (1).
وقال الشهيد المطهري في هذا المجال ما حاصله: (الإسلام يأخذ الجزية من أهلها على سبيل العطية والهبة ليصرفها في مصالح الوطن الإسلامي، وللمدافعة عنهم في مواقع الخطر، ولعدم تكليفهم بأمر الدفاع والجهاد مع اشتراك المسلمين في منافعه ومزاياه، ولا يأخذها لمحض ترك القتال معهم من دون التزام وتعهد لهم والقيام على خدمتهم حتى يكون ذلك بأجا) (2).
فعلم من جميع ذلك أمران رئيسيان:
الأول: أن الجزية ضريبة مالية تصرف في حسن إدارة المجتمع شأن الزكاة وسائر الضرائب المالية.
الثاني: بذل الجزية يكون بدلا عن الخدمة العسكرية والمعاونة على أمر الدفاع.
إذا عرفت ذلك فنستنتج منه نتيجة مهمة، وهي أنه مهما فرض مشاركة الأقليات الدينية في إدارة المجتمع الإسلامي ببذلهم الضرائب المالية المقررة