صلاحا، ولا يتعين فيها التقسيم بين المقاتلين لبعض الأخبار، بل نقول بالاختصاص لصراحة الأخبار المذكورة في ذلك.
لا يقال: حيث إن مصارف الصدقة سبيل الله ومن أظهر مصاديقه الجهاد بلا إشكال، فلا محالة لا يمكن الحكم بتباين المصرفين بالكلية كما يتوهم من ظاهر الأخبار المذكورة.
فإنه يقال: نعم ولكن ذلك لا ينافي اختصاص الجزية بالمجاهدين لاحتمال أن تكون النسبة بين المصرفين العموم والخصوص المطلق بأن تصرف الصدقة في سبيل الله الشامل لجميع سبل الخير ومصالح المجتمع، ومنها رفع حوائج المجاهدين وتختص الجزية بالمجاهدين لأهمية أمرهم وعظمة شأنهم.
ويؤيد ذلك ما في النهج عن أمير المؤمنين عليه السلام قال:
(فالجنود بإذن الله حصون الرعية، وزين الولاة، وعز الدين، وسبل الأمن، وليس تقوم الرعية إلا بهم، ثم لا قوام للجنود إلا بما يخرج الله لهم من الخراج الذي تقوون به على جهاد عدوهم ويعتمدون عليه فيما يصلحهم، ويكون من وراء حاجتهم) (1).
فالأقوى حينئذ ما هو المشهور بين الأصحاب من أن الجزية تختص بالمجاهدين أو من يقوم مقامهم في أمر الجهاد خلافا للمفيد وابن إدريس.
وهذا لا ينافي ما ذكرنا سابقا من أن الجزية تؤخذ لغرض المدافعة عن الذميين وحسن ادارتهم والقيام بمصالحهم، لأن هذه الأغراض تحصل بعد تحكيم الثغور وتقوية العساكر وتحقق الأمن.
ثم إن المراد بالمهاجرين في الخبر الأول والثالث ليس خصوص من هاجر في عصر النبي صلى الله عليه وآله إلى المدينة المنورة، لأنهم لم يبقوا إلى عصر الصادق عليه السلام، فالمراد بهم المجاهدون المهاجرون من بلادهم إلى صفوف القتال أو إلى الثغور.