ففي خبر حفص بن غياث المذكور سابقا، علل أبو عبد الله عليه السلام سقوط الجزية عن النساء والولدان بقوله:
(لأن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن قتل النساء والولدان في دار الحرب... فلما نهى عن قتلهن في دار الحرب كان في دار الإسلام أولى) (1).
فيستفاد منه أن مورد ثبوت الجزية على الرجال وسقوطها عن النساء والولدان هو دار الإسلام.
وقال العلامة في تعريف الجزية: (الجزية هي المال المأخوذ من أهل الكتاب لإقامتهم بدار الإسلام في كل عام) (2).
وفي الجواهر: (هي الوظيفة المأخوذة من أهل الكتاب لإقامتهم بدار الإسلام وكف القتال عنهم) (3).
وفي أحكام السلطانية للماوردي: (فيجب على ولي الأمر أن يضع الجزية على رقاب من دخل في الذمة من أهل الكتاب ليقروا بها في دار الإسلام) (4).
وقد عرفت كون الجزية عند الشافعي كأجرة الدار ولذا حكم في أحد قوليه بعدم سقوطها عن الشيخ الفاني والزمن والأعمى.
وقال أبو القاسم الخرقي - من الحنبلية -: (وهي - يعني الجزية - الوظيفة المأخوذة من الكافر لإقامته بدار الإسلام في كل عام) (5).
فترى أن مورد الرواية وكلمات القوم هو من يعيش من الكفار في دار الإسلام وهذا لا ينطبق إلا على الأقليات الدينية.
نعم في رواية أخرى عن حفص - المشهور بخبر الأسياف - عن أبي عبد الله عليه السلام: (... فمن كان منهم في دار الإسلام فلن يقبل منهم إلا الجزية أو القتل، ومالهم فئ وذراريهم سبي وإذا قبلوا الجزية على أنفسهم حرم علينا سبيهم،