عقد الجزية المصطلح في الفقه كما لا يخفي، فإنه كما عرفت يكون أحد شرائط عقد الذمة ومورد هذا العقد وشرائطه هو دار الإسلام.
وبمثل ما ذكرنا قال الدكتور وهبه الزحيلي: (الواقع أنه يجب أن يفرق بين معاهدة الذمة كوضع داخلي وكون المعاهدة وسيلة لتنظيم العلاقات الخارجية مع الأمم الأخرى، ففي الحالة الأولى لا انتقاد على نظام الذمة ما دام أن الجزية ما هي إلا ضريبة من الضرائب المفروضة على المواطنين يقابلها التزامات أخرى كثيرة على المسلمين.
أما في الحالة الثانية فليس نظام الجزية من النظام العام في تأصيل المعاهدات كما حققنا في الباب التمهيدي، وإنما يجوز عقد معاهدات على أساس آخر بحسب ما يرى ولاة الأمور كما قلنا في مبدأ الكلام عن الذمة، وقد أجاز الفقهاء عقد هدنة لمدة مطلقة دون أن تكون بدفع مال من المسلمين عند الحاجة كما عرفنا في الصلح المؤقت) (1).
نعم يستفاد من هذا الكلام امكان اجراء عقد الذمة بالنسبة إلى الملل الخارجة من دار الإسلام أيضا من دون أن يكون على أساس دفع مال منهم لنا، وهو مردود لما عرفت من أن هذا العقد لا يتم إلا بقبول دفع الجزية، ولعله كان اجماعيا بين فقهاء الفريقين ويأتي تصريح غير واحد منهم بانتقاض عقد الذمة لو أخل بهذا الشرط فانتظر.