فتحصل منه أن الأقرب زوال العادة العرفية بالرؤية على خلافها مرتين منتظمتين، وأما مع رؤيتها مرتين غير منتظمتين فلا ينبغي الاشكال في عدم نسخ العادة العرفية بها، لعدم مساعدة العرف عليه، وعدم دليل شرعي، فلا بد لزوالها من تكررها مرارا حتى بحكم العرف بنسخ عادتها.
ومما ذكرنا يظهر الكلام في العادة الحاصلة بمرتين متماثلتين بعين ما مر، بل هي أولى بذلك من العادة العرفية. وهل تزول بمرتين غير متماثلتين؟ فيه تردد، لعدم جريان ما تقدم فيه، ولاحتمال انصراف دليل العادة عما تكرر على خلافها كذلك. وظاهر المحكي عن العلامة عدم الزوال، حيث قال في رد أبي يوسف القائل بزوال العادة بمرة: إن العادة المتقدمة دليل على أيامها التي عادت، فلا يبطل حكم هذا الدليل إلا بدليل مثله، وهي العادة بخلافه. وقد نفى الريب عن الزوال المحقق الخراساني، وأول كلام العلامة بما هو بعيد عن ظاهره، والمسألة محل إشكال في غير ما تكرر بحيث يحكم العرف بزواله. نعم، هنا بعض أصول حكمية بل موضوعية على تأمل في هذه.
السابعة ذات العادة الوقتية سواء كانت عددية أو لا إما أن ترى الدم في أيام عادتها أو لا، وعلى الثاني إما أن ترى قبلها أو بعدها، و على الفرضين إما أن تكون القبلية والبعدية قريبة من أيامها كاليوم واليومين أو لا، وعلى الفروض إما أن يكون ما رأت واجدا لصفات الحيض كالحمرة والحرارة، أو لصفات الاستحاضة كالصفرة والبرودة، أو لبعض من كل منهما كأن رأت حمرة باردة.
وذات العادة العددية المحضة تارة ترى ما هو جامع لصفات الحيض، وأخرى لصفات الاستحاضة، وثالثة لصفتهما. فهذه عمد الوجوه التي لا بد من البحث عنها. ويتم الكلام فيها في ضمن جهات:
أوليها لا إشكال في أن ذات العادة الوقتية مطلقا تتحيض برؤية الدم في أيامها مطلقا، كان واجدا لصفات الحيض أو صفات الاستحاضة أو صفتهما، وحكي الاجماع عليه من المعتبر والتذكرة والمنتهى وغيرها. وتدل عليه بعده روايات كثيرة