وفيه ما لا يخفى، أما الاجماع فلعدم ثبوته، بل الظاهر اختصاص معقد الاجماع بذات العادة الوقتية، فعن المعتبر: تترك ذات العادة الصلاة والصوم برؤية الدم، وهو مذهب أهل العلم لأن المعتاد كالمتيقن، ولما رواه يونس عن بعض رجاله عن الصادق عليه السلام قال: إذا رأت المرأة الدم في أيام حيضها تركت الصلاة. وهو كما ترى مختص بذات العادة الوقتية، ضرورة أن ذات العادة العديدة ليست بالنسبة إلى الوقت معتادة، وليس لها أيام معلومة حتى ترجع إليها. وأصرح منه عبارة المنتهى، قال: وتترك ذات العادة الصلاة والصوم برؤية الدم في وقت عادتها، وهو قول كل من يحفظ عنه العلم، لأن العادة كالمتيقن. وروى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم " دعي الصلاة أيام أقرائك ". وهي كما ترى صريحة في ذات العادة الوقتية، وحينئذ لا يبقى وثوق بإطلاق الشرائع، ولا يحضرني التذكرة.
وأما الروايات فالاستئناس بها بعيد بل غير ممكن، لأن لتقدم الوقت وتأخره خصوصية كما تقدم، فلا يمكن إلغاؤها ورفع اليد عن أدلة التمييز بهذا الوجه المخالف للاعتبار ودلالة الأخبار، فعدم التحيض بمجرد الرؤية مع فقد صفات الحيض أشبه بالقواعد والأصول.
ثم إنه بما مر من الأدلة ظهر حال المبتدئة والمضطربة بل الناسية أيضا، فإن الدليل فيها هو تلك الأدلة، ويأتي فيها التفصيل المتقدم. نعم، قد يتوهم في المبتدئة دلالة بعض الأخبار بتحيضها بمجرد الرؤية مطلقا، كرواية " ابن بكير " في الجارية أول ما تحيض يدفع عنها الدم فتكون مستحاضة، أنها تنتظر بالصلاة فلا تصلي حتى يمضي أكثر ما يكون من الحيض (2) - الحديث - وكموثقته عن أبي عبد الله عليه السلام قال: المرأة إذا رأت الدم في أول حيضها فاستمر بها الدم بعد ذلك تركت الصلاة عشرة أيام - الخ - ومضمرة سماعة، قال: سألته عن الجارية البكر أول ما تحيض فتقعد في الشهر يومين وفي الشهر ثلاثة أيام، يختلف عليها، لا يكون طمثها في