سنة على ما ذكروا، ومعنى علو السند قلة الوسائط، فقول النجاشي مربوط ظاهرا بابن عبدون وأنه لأجل لقائه القرشي كان عالي السند في رواياته في ذلك الزمان.
وكيف كان فمع الاشكال في السند - وإن كان الأرجح عندي قبول رواياته - يحتمل قريبا وقوع اشتباه في الرواية إما من الرواة أو من النساخ، لبعد كونها رواية أخرى مستقلة غير الصحيحة، وبعد الاشتباه في الصحيحة لتأيدها بالصحيحة الأولى ومرسلة البزنطي، بل ومرسلات ابن أبي عمير والصدوق والمفيد والشيخ. بل لا يبعد أن يكون الاشتباه من النساخ في النسخ الأولية من كتاب الشيخ، لأن الفتوى بهذه الرواية حدثت بعد زمان الشيخ في عصر المحقق والعلامة، ونقل عن مبسوطه: وتيأس المرأة إذا بلغت خمسين سنة، إلا أن تكون امرأة من قريش، فإنه روي أنها ترى دم الحيض إلى ستين سنة. ولم يشر إلى رواية ستين مع إشارته إلى المرسلة.
وكيف كان فلا يبقى مع ما ذكرنا وثوق بالرواية، وليست حجية الخبر الواحد تعبدية محضة، بل لأجل عدم ردع بناء العقلاء أو تنفيذه، ولا إشكال في أن العقلاء لا يعملون بمثل هذه الرواية ولا أقل من عدم إحراز بنائهم على العمل بمثلها، فلا إشكال في ضعف القول بالستين مطلقا. والأقوى هو التفصيل بين القرشية وغيرها، والبحث عن النبطية لا يجدي بعد عدم معروفية هذه الطائفة.
وأما القرشية فقد دلت على التفصيل بينها وبين غيرها مرسلة ابن أبي عمير (1) التي هي في حكم الصحيحة عندهم، حتى أن المجلسي - رحمه الله - وصف هذه المرسلة بالصحيحة في مرآته، ولا تقصر عنها مرسلة الصدوق، قال: قال الصادق عليه السلام المرأة إذا بلغت خمسين لم تر حمرة، إلا أن تكون امرأة من قريش، وهو حد المرأة التي تيأس من المحيض. (2) فإن هذا النحو من الارسال والنسبة إلى الصادق عليه السلام على نحو الجزم من مثل الصدوق لا يصح إلا مع علمه بصدور الرواية، ومعلوم من طريقته أن النسبة ليس من الاجتهاد. فهو إما اتكل على مرسلة ابن أبي عمير،