فحكمه على نحو الجزم يوجب الوثوق بها، وإما جزم بصدورها مستقلا، وهو لا يقصر عن توثيق الوسائط بالنظر إلى طريقته.
ومثلها ما عن " المقنعة " قال: روي أن القرشية من النساء والنبطية تريان الدم إلي ستين سنة. وعن الشيخ في المبسوط: تيأس المرأة إذا بلغت خمسين سنة، إلا أن تكون امرأة من قريش، فإنه روي أنها ترى دم الحيض إلى ستين سنة. وهما مرسلتان مستقلتان غير السابقتين لافتراقهما عنهما مضمونا كافتراق أنفسهما.
هذا، مع اشتهار الحكم بين الأصحاب قديما وحديثا، وقد نقل الشهرة عن جامع المقاصد وفوائد الشرائع في التفصيل بين القرشية والنبطية وغيرهما، وادعاها في الروضة، وادعى الشهرة في التفصيل بين القرشية وغيرها صاحب المسالك والجواهر، وعن التبيان والمجمع نسبة ذلك إلى الأصحاب. بل هو مقتضى الجمع بين الروايات على فرض استقلال رواية ابن الحجاج ومرسلة الكليني على تأمل. فلا ينبغي الاشكال بعدم صراحة " الحمرة " في الحيض كما في مرسلتي ابن أبي عمير والصدوق، ولا " الدم " فيه كما في مرسلة المفيد، وعدم ذكر الستين للقرشية فيهما، ولعل فتوى المشهور كان لأجل الجمع بين روايتي ابن الحجاج ومرسلة ابن أبي عمير، وبعد ترجيح تصحيف الستين لا يبقى دليل على التفصيل إلا مرسلة الشيخ والمفيد. وهما غير كافيتين للاحتجاج بعد احتمال أن إرسالهما لأجل الجمع وتخلل الاجتهاد. ضرورة أن مثل هذه الاحتمالات العقلية تأتي في جميع الفقه، وهي ليست معتدا بها ومعيار الفهم الأحكام، ولا يجوز نسبة هذا الجمع الغير المقبول لدى العقلاء إلى الفقهاء، وأن مبنى اشتهار الفتوى هذا الجمع البعيد الغير الوجيه، بل عدم ذكر الستين في المرسلتين يؤكد كون الحكم كذلك كان مشهورا لدى الإمامية ومعروفا من لدن زمن الأئمة عليهم السلام من غير احتياج إلى الاستناد إلى رواية. والشهرة في مثل هذا الحكم التعبدي المخالف للقواعد حجة مستقلة لو لم نقل بكفاية مرسلتي المفيد والشيخ مع انجبارهما بفتوى الطبقة المتقدمة والمتأخرة.
ثم مع الشك في كون امرأة قرشية لا تجري أصالة عدم القرشية أو عدم