تكون القطعتان مصداقين للطبيعة لا مصداقا واحدا، فالدماء المتفرقة في عشرة أيام إذا كان عدد مجموعها ثلاثة أيام تكون مصاديق متعددة مستقلة الدم ولسيلانه أيضا وجدانا، ومع كونها حيضا تكون ثلاثة مصاديق لدم الحيض، فيكون أقل دم الحيض يوما واحدا وكذا أقل سيلانه إلا بالتأويل وارتكاب التجوز. وهكذا لو قلنا بأن الحيض عبارة عن أمر معنوي حاصل بالدم إذا بلغ ثلاثة أيام في العشرة، فإن هذا الأمر المعنوي يحصل بالدم المتعقب بثلاثة أيام، فإذا قيل بكفاية التفرق لا يمكن أن يكون الأقل ثلاثة، لأنه إذا قلنا بأن الفترات طهر يكون الحيض في زمان جريان الدم مصداقا مستقلا، ومع تخلل الطهر بينه وبين مصداق آخر يمكن أن يكون المصداقان واحدا إلا بالتأول والتجوز والاعتبار، فيكون أقل الحيض يوما لا ثلاثة أيام. ولو قلنا بأن الفترات أيضا حيض يكون أقل الحيض في الفرض أكثر من ثلاثة أيام، لأنه إذا فرض جريان الدم يومين ثم انقطع يوما وجرى يوما يكون الحيض أي الأمر المعنوي أربعة أيام، فكون أقل الحيض ثلاثة أيام حقيقة لا يمكن إلا بتوالي الأيام الثلاثة على جميع الاحتمالات.
وبما ذكرنا يظهر أنه لا وقع للاعتراض عليه تارة بمقايسة المقام بنذر الصوم و هو واضح، وأخرى بالنقض بالعشرة المقابلة للثلاثة لقيام الاجماع على عدم لزوم التوالي. فإن كون أكثر الحيض - بمعنى الدم أو سيلانه أو الأمر المعنوي - عشرة أيام لا ينافي الاجماع المذكور، ضرورة أنه مع هذا الاجماع تكون العشرة مع تفرق أيام الدم بعد توالي ثلاثة أيام حيضا لا دم الحيض وسيلانه، فإذا كان المراد من الحيض في الروايات دم الحيض أو سيلانه يكون أكثر الحيض عشرة أيام متوالية، وتكون العشرة المذكورة حيضا حكما لا حقيقة.
بل لنا أن نقول: إن الدم الذي بعد النقاء الحاصل بعد الثلاثة المتوالية حيض حكما لدلالة الأدلة على أن الحيض لا يكون أقل من ثلاثة أيام، ولو كان الدم المرئي يوما حيضا لكان منافيا للروايات المتقدمة، تأمل. ولو قلنا بأن الحيض أمر معنوي يكون أكثر الحيض عشرة أيام، سواء استمر الدم في العشرة أو رأت الدم بعد