سنين " وقوله " أتى لها السنة التاسعة " فمع وردها في التاسعة أتى لها السنة التاسعة ولكن أتى لها أقل من تسع سنين كما أنها لم تبلغ تسع سنين كما في روايته الأخرى.
كما أن المراد منه التحقيق لا التقريب، لا لما قيل: إن الظاهر من مقام التحديد هو ذلك - وإن لم يخل من وجه - ولا لما قيل من أن تطبيق المفاهيم على المصاديق يكون بالدقة العقلية لا بتشخيص العرف، فإنه ضعيف، لأن مبنى مخاطبات الشرع معنا كمخاطبات بعضنا مع بعض، ولا شبهة في أن المخاطبات العرفية لا تكون مبنية على الدقة العقلية لا مفهوما ولا في تشخيص المصاديق، فإذا قال " اغسل ثوبك من الدم " فكما أن مفهومه يؤخذ من العرف كذلك المعول عليه في تشخيص المصداق هو العرف، فلون الدم دم عقلا لكن لا يجب غسله لعدم كونه دما عرفا بل هو لون الدم، بل لأن الميزان في تشخيص المفاهيم والمصاديق نظر العرف بحسب فهمه ودقته لا مع التسامح العرفي، فإذا كان للمفهوم مثلا ثلاثة مصاديق: أحدها مصداق برهاني عقلي لا سبيل للعرف إلى تشخيصه ولو مع الدقة وعدم التسامح كلون الدم، فإن العرف لا يدرك استحالة انتقال العرض وأن المنتقل أجزاء صغار جوهرية، فلا يكون اللون دما في أدق نظر العرف، ولا يتسامح في سلب الدمية عنه، وثانيها مصداق عرفي من غير تسامح عرفي، بل يكون مصداقا بدقته العرفية، وثالثها مصداق مسامحي لدى العرف، كإطلاق " الألف " على عدد ناقص منه بواحد أو اثنين، وإطلاق " الرطل " على ما نقص بمثقال أو درهم، ولا إشكال في أن هذا الاطلاق مسامحي مجازي يحتاج إلى التأول، فميزان تشخيص موضوعات الأحكام هو الثاني، لا الأول وهو معلوم، ولا الثالث إلا مع قيام قرينة حالا أو مقالا على تسامح المتكلم، وإلا فأصالة الحقيقة محكمة. هذا من غير فرق بين الموضوعات، ولا بين مقام التحديد وغيره، فالماء موضوع لهذا المائع المعروف، وتسامح العرف في إطلاقه على شئ لا يكون متبعا.
فإطلاق العرف بلوغ التسع على من بلغت التسع إلا عدة أيام مسامحي مجازي، ولهذا لو سئلوا: هل بلغت تمام التسع؟ لأجابوا بالنفي واعترفوا بالتسامح، فبلوغ التسع لا يكون إلا بتمام الدورة التاسعة من السنة القمرية التي هي المنصرف