على أصل السلامة غير مسلم، خصوصا مع هذه الحدود التي قررها الشارع، فلو علمت المرأة أن الدم بأي صفة وفي أي وقت خرج إذا لم يبلغ ثلاثة أيام ونقص منها ولو ساعة واحدة ليس بحيض شرعا، وكذلك الدم المتجاوز عن العشرة ولو قليلا و الدم الخارج قبل تمام عشرة أيام من الحيضة السابقة وهكذا، فهل تبني على الحيضية بمجرد رؤية الدم اتكالا على أصالة الصحة فتحكم باستمراره إلى ثلاثة أيام؟! وهل ترى أن العقلاء يحكمون بأن الدم مع انقطاعه قبل ثلاثة أيام بساعة من انحراف المزاج، بخلافه إذا استمر إلى تمام الثلاثة؟!
والذي يمكن أن يقال: أن بناء النساء على حيضية الدم غالبا غير قابل للانكار لكن لا لأجل الاتكال على أصالة الصحة، بل معهودية الدم والحالات التي تعرضهن في حال خروج الدم أو قبله والأوصاف والخصوصيات التي للدم المعهود وغير ذلك من الغلبة وغيرها صارت موجبة لقطعهن أو اطمئنانهن بكون الدم هو المعهود من النساء. وأما الاتكال على مجرد أصالة الصحة لو فرض عدم وجود الغلبة و القرائن والعلائم التي للدم وللمرأة في قرب رؤيته أو حينها فغير معلوم لو لم نقل إنه معلوم العدم.
ومنها أنه بعد تسليم جريان أصالة الصحة وكون اتكالهن عليها لا يمكن أن تكون دليلا على قاعدة الامكان، سواء فسرناها بالمعنى الأول من المعاني المتقدمة أو بالثالث، ضرورة أن أصالة السلامة ليست من الأصول التعبدية، فإنه مضافا إلى عدم ثبوت التعبد في الأمور العقلائية لازمه أن لا نحكم على الدم بالحيضية، لأن الحيضية من لوازم صحة المزاج وسلامته فأصالة السلامة مجريها المزاج، و لازم صحة الرحم أن يكون قذفها طبيعيا، ولازم ذلك كون الدم حيضا وكون المرأة حائضا، فلا محيض لاثبات المدعي، إلا أن يدعى أن أصالة السلامة طريق عقلائي لاثبات متعلقه، وأن الظن الحاصل لأجل الغلبة وغيرها طريق إلى السلامة ومع ثبوتها تثبت لوازمها. فمع تسليم هذه الأمارة العقلائية والغض عن المناقشة فيهما لا يمكن أن تكون مبنى القاعدة، لأن مفاد القاعدة أن ما يمكن أن يكون حيضا