كثيرا ما علمن بها بواسطة القرائن والأمارات التي عندهن، مع أن الشارع جعل للحيض طريقا إذا اشتبه بالاستحاضة، والاشتباه قلما يتفق في غيرهما. وبالجملة استفادة مثل تلك القاعدة من مثل تلك الروايات غير ممكن.
ومنها صحيحة عبد الله بن المغيرة عن أبي الحسن الأول في امرأة نفست فتركت الصلاة ثلاثين يوما، ثم طهرت، ثم رأت الدم بعد ذلك، قال: تدع الصلاة، لأن أيامها أيام الطهر قد جازت مع أيام النفاس. (1) حيث حكم بالحيضية بمجرد عدم الامتناع وخروج أيام الطهر.
وفيه أولا أن تلك الرواية في عداد سائر الروايات التي دلت على أن أيام النفاس يمكن أن تكون ثلاثين يوما أو أزيد مما أعرض أصحابنا عنها، مع أن ظاهرها أن أيام النفاس تجتمع مع أيام الطهر، وهو أيضا يوجب الاضطراب في المتن، وإن أمكن تأويله بالحمل على أيام النفاس عرفا وإن لم يكن واقعا وشرعا، لكنه تأويل بعيد ينافي تقريره ترك الصلاة ثلاثين يوما. إلا أن يقال: إن قوله " لأن أيامها أيام الطهر قد جازت مع أيام النفاس " في مقام الردع عن ترك الصلاة، فإن أيام النفاس ليست أيام الطهر عينا، فيحمل على أن الثلاثين ليست أيام النفاس جميعا بل بعضها أيام النفاس وبعضها أيام الطهر، فيكون قد أظهر الحكم الواقعي تحت حجاب التقية.
وثانيا أن المراد من الدم هو دم الحيض مقابل الصفرة، وهو أمارة الحيض عند دوران الأمر بينه وبين الاستحاضة، والشاهد عليه - مضافا إلى أن الدم في الروايات ذكر في مقابل الصفرة - صحيحة عبد الرحمان بن الحجاج، قال: سألت أبا إبراهيم عن امرأة نفست فمكثت ثلاثين يوما أو أكثر، ثم طهرت وصلت، ثم رأت دما أو صفرة، قال: إن كان صفرة فلتغتسل ولتصل ولا تمسك عن الصلاة. (2) وروى الشيخ مثلها، إلا أنه قال " فمكثت ثلاثين ليلة أو أكثر " وزاد في آخرها " فإن كان دما ليس