فهو حيض بمجرد احتمال الحيضية على المعنى الأول، أو إمكانها أي عدم الدليل على خلافها على المعنى الثاني، ومع قيام الأمارة على الحيضية يخرج المورد عن موضوع القاعدة، وكيف يمكن أن يكون دليل الشئ معدما لموضوعه؟!
وبعبارة أخرى: إن موضوع القاعدة هو إمكان الحيضية، فوجوب الحيضية وامتناعها خارجان عن مصبها، إلا أن يفسر الامكان بالامكان العام أي سلب الضرورة عن الجانب المخالف بالنظر إلى القواعد الشرعية حتى لا ينافي الوجوب، وهو كما ترى، فإن مرجعها في كثير من الموارد أو جميعها أن كل ما يجب أن يكون حيضا فهو حيض، وأن كل ما دلت الأدلة الشرعية والأمارات المعتبرة على حيضيته فهو حيض. فلا محيص عن أن يقال: إن قاعدة الامكان قاعدة برأسها، مؤسسة للحكم بالحيضية في ما لم يدل دليل على أحد الطرفين وكانت المرأة فاقدة الأمارة، فتأسيس القاعدة لرفع الشك عند فقد الأمارة، والالتزام بكونها منتزعة من موارد قيام الأدلة على الحيضية إنكار لأصل القاعدة.
ومنها أنه على فرض تسليم ذلك لا تفي أصالة السلامة بجميع موارد قاعدة الامكان، ففي مورد تعارض الأمارتين أو الجهل بالأمارة القائمة أو كون المرأة في معرض اختلال المزاج وانحرافه لا مصير إلى أصالة الصحة، مع أن موضوع القاعدة يشملها. فتحصل مما ذكرنا أن الاستدلال بأصالة السلامة لاثبات المدعى مما لا مجال له.
الثاني التمسك بطوائف من الأخبار إما مستقلا أو مؤيدا بها لأصالة السلامة.
منها ما وردت في تحيض الحامل، معللة بأن الحبلى ربما قذفت بالدم، كصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن الحبلى ترى الدم أتترك الصلاة؟
قال: نعم، إن الحبلى ربما قذفت بالدم. (1) وقريب منها مرسلة حريز، (2) وهي تدل على أن احتمال قذف الدم موضوع للتحيض، وهذا هو قاعدة الامكان.