وفيه أن الحكم لما كان محل خلاف بين العامة وكان أبو حنيفة منكرا لاجتماع الحيض مع الحبل وردت هذه الروايات لرفع استبعاد اجتماعهما، ولهذا ترى في بعضها ذكر وجه خروج دم الحيض، كصحيحة سليمان بن خالد، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك، الحبلى ربما طمثت، قال: نعم، وذلك أن الولد في بطن أمه غذاؤه الدم، فربما كثر ففضل عنه، فإذا فضل دفقته، فإذا دفقته حرمت عليها الصلاة. (1) فقوله " إن الحبلى ربما قذفت بالدم " إخبار عن الواقع لرفع الاستبعاد لا للتعبد بجعل الدم حيضا بمجرد الاحتمال، كما ترى أن ما في صحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الحبلى، ترى الدم؟ قال: نعم، إنه ربما قذفت المرأة الدم وهي حبلى. كالصريح في ما ذكرنا، فإن قوله " نعم " جواب سؤاله بأن الحبلى ترى الدم أو لا؟ وقوله " إنه ربما قذفت... " إخبار عن واقع محفوظ، و لا معنى للتعبد في هذا المقام.
ولا يخفى أن مضمون الروايات التي ذكر فيها هذه الجملة واحد، فقوله في صحيحة عبد الله المتقدمة " إن الحبلى ترى الدم، أتترك الصلاة؟ " مراده أنها ترى الدم المعهود مثل سائر النساء فهل عليه أن تترك الصلاة أو لا؟ ولهذا عرف " الدم " في الروايات باللام، كما ترى في صحيحة عبد الرحمان، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الحبلى ترى الدم وهي حامل كما كانت ترى قبل ذلك في كل شهر، هل تترك الصلاة؟
قال: تترك الصلاة إذا دام. (2) وفي صحيحة ابن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن الحبلى ترى الدم كما كانت ترى أيام حيضها مستقيما في كل شهر (3) - الحديث - أن السؤال عن ترك الصلاة بعد الفراغ عن كون الدم في أيام العادة أو بصفات الحيض لاحتمال أن لا يجتمع الحيض والحبل كما قال أبو حنيفة.